الثلاثاء - 19 مارس 2024
الثلاثاء - 19 مارس 2024

نظام «الكيتو» الغذائي قد يعالج سرطان الدماغ

نظام «الكيتو» الغذائي قد يعالج سرطان الدماغ

نظام «الكيتو» الغذائي قد يعالج سرطان الدماغ

قبل أكثر من 100 عام، حاول العلماء استخدام النظم الغذائية لعلاج الكثير من الأمراض. من ضمن تلك الأمراض التهابات الأعصاب والأمراض الدماغية والمعوية، وحتى مرض السكري وضغط الدم.

وطيلة تلك السنوات، أثبتت بعض النظريات العلمية أن اتباع الحميات الغذائية يُحسن حالة المرضى ويقيهم من تطورات الأمراض، ولا سيما السكري والأمراض القلبية الوعائية.

لكن، هل يُمكن أن تُفيد الحميات الغذائية في علاج السرطان؟ الإجابة هي نعم، إذ وجدت دراسة صغيرة أن نظام «الكيتو» الغذائي آمن ومجدٍ للأشخاص المصابين بأورام دماغية تسمى الأورام النجمية. والأورام النجمية؛ هي أنواع سرطانية تتشكل في الدماغ في خلايا تُسمى الخلايا النجمية الداعمة للخلايا العصبية. ونظام الكيتو أو الحمية الكيتونية؛ هي نظام غذائي عالي الدهون، معتدل البروتين، منخفض الكربوهيدرات، وقد استُخدم ذلك النظام قبل سنوات للسيطرة على نوبات الصرع عند الأطفال.



وطالما كان هناك اهتمام باستهداف المسارات الأيضية التي تشارك في السرطان والأورام الدبقية على وجه التحديد.


فمع وجود القليل من الخيارات العلاجية التي يُمكن استخدامها لتحسين حالات المرضى، يقول الباحثون إن استخدام التدخلات الغذائية الكيتونية بأمان لأكثر من قرن في علم الأعصاب والطب السريري شجعهم على استكشاف وتنفيذ هذا النوع من التدخل الغذائي للنوبات العصبية أو السرطان. تقول أستاذ مساعد طب الأعصاب وجراحة الدماغ بكلية الطب جامعة جونز هوبكنز، كاريسا شريك وهي المؤلفة المُشاركة في تلك الدراسة في تصريحات خاصة لـ«الرؤية»: إنها شعرت بالالتزام لدراسة هذا التدخل من كثب، حتى نتمكن من فهم ما إذا كان آمناً، ومتى يمكن دمجه بشكل أفضل في نظم العلاج الحالية، وما إذا كانت فعالة لمرضى الأورام الدبقية».

وتقول الدراسة التي أجريت على مرضى أكملوا العلاج الإشعاعي والعلاج الكيميائي، إن الكيتو أدى إلى تغييرات في التمثيل الغذائي في الجسم والدماغ. وعلى الرغم من أن الدراسة لم تكن مصممة لتحديد ما إذا كان النظام الغذائي يمكن أن يبطئ نمو الورم أو يحسن البقاء على قيد الحياة؛ إلا أن العلماء وجدوا أن التغيرات التي أحدثها النظام الغذائي يُمكن أن تمنع ارتداد السرطان وعودته، كما يُمكن أيضاً أن تُحسن من جودة حياة المرضى بعد استكمال العلاجات القياسية.

وتضيف شريك أنهم استخدموا مزيجاً من حمية الكيتو والصيام المتقطع لتعديل عمليات التمثيل الغذائي في أدمغة مرضى الأورام النجمية. مشيرة في تصريحات خاصة لـ«الرؤية» أن الفريق وجد أن النظام الغذائي كان آمناً، وأن أكثر من 80% من المرضى وصلوا إلى الحالة الكيتونية، ما يدل على هذا التحول في التمثيل الغذائي في الجسم.

وأكد الباحثون أيضاً على وجود تغييرات في المستقلبات في الدماغ. فبعد أن قاموا باستخدام تقنية تصوير متخصصة تسمى التحليل الطيفي بالرنين المغناطيسي، وجد الباحثون أن المستقلبات الموجودة في الدماغ والتي قد تُساعد في مكافحة الأورام النجمية نشطت بصورة كبيرة، ما قد يمنع ارتداد تلك الأورام مرة أخرى.

ولا يوجد الكثير من العلاجات الفعالة لهذه الأنواع من أورام الدماغ، كما أن معدلات البقاء على قيد الحياة منخفضة، لذا فإن أي تطورات جديدة للمساعدة في التخلص من تلك الأورام مرحب بها للغاية.. لكن، ما علاقة نظام الكيتو الغذائي بعلاج الأورام؟

تعتمد الخلايا السرطانية على الجلوكوز لتنقسم وتنمو. ونظراً لأن نظام الكيتو الغذائي منخفض في السكر، يغير الجسم ما يعتمد عليه لإنتاج الطاقة. فبدلاً من الكربوهيدرات، يستخدم الجسم موادَّ كيميائيّة يفرزها الكبد في جسم الإنسان، كمصدر بديل لإنتاج الطاقة تسمى الكيتونات.

ويمكن لخلايا الدماغ الطبيعية أن تعيش على الكيتونات، لكن -وبشكل نظري- فإن الخلايا السرطانية لا يمكنها استخدام الكيتونات للحصول على الطاقة. وشملت الدراسة 25 شخصاً يعانون من الأورام النجمية.

وحسبما تقول شريك في تصريحاتها لـ«الرؤية» كان هناك الكثير من الاهتمام بالأنظمة الغذائية الكيتونية في علاج السرطان، ولكن الاهتمام الأكبر كان في أورام المخ، وعلى الرغم من أن الدراسات السابقة لم تكن واعدة في أنواع أخرى من السرطان، فإنه يُعتقد أن خلايا أورام المخ والدماغ هي الأكثر عرضة لهذا النوع من العلاج، لأنها قد تعتمد أكثر على الكربوهيدرات أو السكر.

واتبع المشاركون في الدراسة نوعاً من نظام الكيتو الغذائي يُسمى بحمية أتكينز المعدلة مع الصيام المتقطع، لمدة 8 أسابيع. ويشمل ذلك النظام الغذائي أطعمة مثل اللحم المقدد والبيض والقشدة الثقيلة والزبدة والخضراوات الورقية والأسماك. والتقى المشاركون بأخصائي تغذية في بداية الدراسة ثم كل أسبوعين.

وطوال 5 أيام في الأسبوع، اتبع المشاركون نظام أتكينز الغذائي المعدل، والذي يجمع بين الحد من الكربوهيدرات وكميات عالية من الدهون كما كانوا يصومون يومين في الأسبوع، ويتناولون ما يصل إلى 20% من السعرات الحرارية اليومية الموصي بها.

كان الهدف الرئيسي من الدراسة هو معرفة ما إذا كان الأشخاص قادرين على اتباع النظام الغذائي دون أي آثار جانبية خطيرة. وأكمل ما مجموعه 21 شخصاً الدراسة، واتبع 48% النظام الغذائي تماماً، وفقاً لسجلات الطعام الخاصة بهم. لكن اختبارات البول أظهرت أن 80% من الأشخاص وصلوا إلى المستوى الذي كان يستخدم فيه الجسم الدهون والبروتين كوقود بدلاً من الكربوهيدرات.

وكان النظام الغذائي جيد التحمل. تعرض شخصان لآثار جانبية خطيرة أثناء الدراسة- أحدهما لم يكن مرتبطاً بالنظام الغذائي والآخر ربما كان مرتبطاً. بحلول نهاية الدراسة، شوهدت تغييرات في التمثيل الغذائي في الجسم والدماغ. إذ انخفضت مستويات الهيموغلوبين ومستويات الأنسولين وكتلة الجسم الدهنية كما زادت كتلة الجسم.

لكن الأمر لم يخلُ بالطبع من عدد من الآثار الجانبية، على حد قول شريك التي تقول: «وجدنا أن النظام الغذائي جيد التحمل، إلا أن الآثار الجانبية الأكثر شيوعاً كانت وجود تغيرات في خلايا الدم البيضاء والغثيان». وتشير شريك إلى أن بعض المرضى فقدوا الكثير من الوزن، خاصة في كتلة الدهون، وزيادة في الكتلة العضلية. كما أظهرت فحوصات الدماغ المتخصصة زيادة في تركيزات الكيتونات والتغيرات الأيضية في الورم.

وهناك حاجة إلى مزيد من الدراسات لتحديد ما إذا كان هذا النظام الغذائي يمكن أن يمنع نمو أورام المخ ويساعد الناس على العيش لفترة أطول. لكن، هذه النتائج تظهر أن النظام الغذائي يمكن أن يكون آمناً للأشخاص المصابين بأورام المخ وينجح في إحداث تغييرات في عملية التمثيل الغذائي في الجسم.