الثلاثاء - 19 مارس 2024
الثلاثاء - 19 مارس 2024

«الحاشية» تمنع تداول السُلطة في مجتمعات الضباع

«الحاشية» تمنع تداول السُلطة في مجتمعات الضباع
تُعد الضباع حيوانات اجتماعية للغاية، إذ تعيش في مجموعات يمكن أن يزيد عددها على 100. ولكن داخل العشيرة الواحدة - وبشكل يُشبه البشر - تتواجد مراتب وسلطات، وتسلسل هرمي تُهيمن عليه الإناث. فمجتمعات الضباع يحكمها الأمهات. بينما درس الباحثون بشكل مكثف التركيب الاجتماعي للضباع والحيوانات الأخرى، بدأ العلماء مؤخراً التحقيق في كيفية ظهور هذا الهيكل الاجتماعي.

فالسلطات داخل العشائر يُسيطر عليها مجموعة أسرية مُعينة. أيّ أن السلطة تنتقل من الأم إلى الأبنة، فلا مجال لتداول السلطة في ذلك المجتمع الوحشي. في دراسة جديدة بقيادة علماء الأحياء في جامعة بنسلفانيا، اعتمدت على 27 عاماً من الملاحظات التفصيلية للسلوك الاجتماعي للضباع التي جمعها باحثون في جامعة ولاية ميشيغان، كُشف الستار عن كيفية ظهور النظام الاجتماعي في ذلك المجتمع.

إذ تظهر النتائج التي توصل إليها الباحثون أن أشبال الضباع ترث الشبكات الاجتماعية لأمهاتهم، لذا فإن روابطهم الاجتماعية تشبه روابط أمهم. ومع ذلك، فإن نسل الأفراد ذوي الرتب الأعلى يكررون بشكل متطابق تفاعلات أمهاتهم، وينتهي بهم الأمر بشبكات اجتماعية تشبه إلى حد كبير أمهاتهم أكثر من ذرية الإناث التي تحتل مرتبة أدنى في السلم الاجتماعي للعشيرة. وهذا يعني ببساطة أن السلطة تنتقل من الأم للابنة بمساعدة الشبكة الاجتماعية التي تُشبه الحاشية. وأن الميراث الاجتماعي يُحدد الرتبة. وأن هناك قواعد شديدة الصرامة حول المكان الذي تجلس فيه في التسلسل الهرمي إذا ما كنت ضبعاً.


ففي ذلك المجتمع لا مجال للترقي، ولا لتداول السلطة، إذ تقول الدراسة إن الأفراد الذين ولدوا في مرتبة أعلى يظلون في تلك المرتبة عن طريق وراثة حاشية أمهاتهم. وفي الدراسة المنشورة في دورية العلوم، سعى الفريق لفهم تعقيدات الميراث الاجتماعي في الضباع بشكل أفضل. كانوا محظوظين لأن لديهم مجموعة بيانات قوية تم جمعها من قبل العديد من الباحثين، فقاموا بتحليل تلك المعلومات والبيانات بدقة للوصول إلى استنتاجات حول تكوين السلطات في مجتمعات الضباع.


ولاحظ الباحثون أن الأشبال يلتصقون بأمهاتهم في أول عامين من حياتهم، لذا كانت شبكات علاقات الأمهات وأبنائهن متشابهة تماماً. لكن، ومع توقف الصغار عن قضاء الكثير من الوقت على مقربة من أمهاتهم، فإنهم ما زالوا يتمتعون بشبكات مماثلة تماماً، خاصة بالنسبة للأبناء الإناث اللائي يظلن عموماً أعضاء في العشيرة مدى الحياة.

كان هذا النمط قوياً بشكل خاص للأمهات ذوات الرتبة الأعلى، اللواتي كانت الميراث الاجتماعي بالنسبة لهن هي الأقوى في المجموعة. وقال الباحثون إن هذا نوع من مقدرات الأمور، لأن مثل هذه الأشياء تحدث في المجتمع البشري أيضاً، إذ يحدث ذلك كثيراً ونحن نعتبره أمراً مفروغاً منه. نحن نرث الروابط الاجتماعية، وهناك الكثير من أبحاث العلوم الاجتماعية التي تظهر أن هذا له تأثيراً كبيراً على مسار حياة الناس.

أما في نسل الأمهات الأقل مرتبة، فقد كان الحفاظ على الشبكات الاجتماعية أقل بكثير. وقال الباحثون إن ذلك الأمر من الممكن تفسيره كمحاولة الأشبال التعويض عن أصولهم المتدنية من خلال الارتباط بمجموعة أكبر من الأفراد.

كما كشفت الدراسة أن الأشبال من ذوي المرتبة الأقل يواجهون صعوبات جمة في الوصول للسلطة؛ فالإناث ذوات الرتب المنخفضة تميل إلى الانطلاق بمفردهن في كثير من الأحيان لتجنب المنافسة مع الضباع ذات الرتب الأعلى، وبالتالي فإن أشبالهم لديهم قدر أقل من التعلم من الأشبال من الإناث عالية الرتب.

ولاحظ الباحثون أن للرتبة الاجتماعية أيضاً تأثيراً على البقاء على قيد الحياة والنجاح الإنجابي؛ فإذا وُلد الضبع لأم أقل مرتبة، فمن غير المرجح أن يحيا ويتكاثر. وقال الأستاذ في كلية بنسلفانيا للفنون والعلوم، والمؤلف المشارك للدراسة، إيرول أكشاي في تصريحات خاصة لـ«الرؤية»: «إن الدراسة تسهم في فهمنا لكيفية عمل المجموعات الاجتماعية المعقدة في الحيوانات وكذلك البشر. نعتقد أن الوراثة الاجتماعية قد تكون عملية عامة تعمل في العديد من الحيوانات الاجتماعية ولها عواقب مهمة على التطور والسلوك». وأضاف أكشاي: «تأكد أن الضباع ترث روابطها الاجتماعية، ومن المرجح أن يرث نسل الأمهات الأعلى مرتبة الروابط، وهو الأمر الذي قد يكون له أيضاً عواقب على بقائهم على قيد الحياة».