السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

ابتكار مادة ثورية جديدة لوقف النزيف

ابتكار مادة ثورية جديدة لوقف النزيف

وكالات

صمم فريق مشترك من العلماء في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ومؤسسة مايوكلينيك نوعاً من الغراء يتوافق حيوياً مع الأنسجة البشرية، ويُمكنه وقف النزيف بشكل كامل خلال ثوانٍ قليلة دون الحاجة لإجراء غرز جراحية أو تدخلات أخرى تحتاج إلى أطباء أو متخصصي الرعاية.

والمادة الجديدة مستوحاة من المادة اللاصقة التي يستخدمها نوعاً من أنواع المحار للتشبث بالصخور. ويمكن أن تلتصق المادة الجديدة بالجلد حتى عندما يكون مغطى بالدم، ويمكن أن تشكل إغلاقاً محكماً للجروح في غضون 15 ثانية من وضعها على أماكن الجروح.

وقال الباحثون إن هذه المادة يمكنها أن توفر طريقة أكثر فاعلية لعلاج الإصابات الرضحية وللمساعدة في السيطرة على النزيف أثناء الجراحة. كما يؤكدون أنها تحل مشكلة الالتصاق في بيئة مليئة بالتحديات؛ كبيئة الجلد الرطبة، كما أنها تصلح للتعامل بديناميكية مع الأنسجة البشرية.


ويحاول الباحثون منذ عقود طويلة إيجاد طرق لوقف النزيف. لكن تلك المشكلة لم يتم حلها بشكل كامل. إذ تُستخدم الغرز بشكل شائع لرتق الجروح، لكن وضع الغرز في مكانها عملية تستغرق وقتاً طويلاً وعادة لا يكون من الممكن أن يقوم بها المستجيبون الأوائل أثناء حالة الطوارئ.


وقال الباحث في مجال الرعاية الحرجة في مايوكلينيك، كريستوف نبزديك، وهو المؤلف المشارك في تلك الدراسة، إن الفريق طوّر نوعاً جديداً تماماً من عوامل وقف النزيف والتي ستتمكن بشكل أسرع وأكثر موثوقية من التقنيات الحالية من وقف النزيف في ثوانٍ قليلة والعمل على تكوين الجلطة الدموية (الآلية المعتادة لعوامل الإرقاء).

علاوة على ذلك، فهي سهلة التخزين وجاهزة للاستخدام وقابلة للفصل عند الطلب. وبالتالي يمكن استخدامها ليس من قبل الجراحين في غرف العمليات فقط، ولكن أيضاً من قبل المستجيبين الأوائل في الميدان الذين يعتنون بضحايا الصدمات المدنية أو العسكرية. وأضاف نبزديك في تصريحات خاصة لـ«الرؤية»، أن تلك التقنيات «ستعمل على وجه الخصوص في المناطق الريفية والنائية وتلك المناطق التي يستغرق نقل المريض منها إلى الرعاية في المستشفى بعض الوقت».

وبدلاً من تكوين جلطة بطيئة لإيقاف النزيف، يعمل المعجون الجديد على سد الجرح ووقف النزيف الشديد على الفور تقريباً.

من بين أفراد الجيش، يعتبر فقدان الدم السبب الرئيسي للوفاة بعد الحوادث، وهو ثاني سبب رئيسي للوفاة بعد الحوادث بين عامة السكان.

في السنوات الأخيرة، أصبحت بعض المواد التي يمكن أن توقف النزيف متاحة تجارياً. تحتوي تلك المواد على عوامل التخثر، والتي تساعد الدم على التجلط من تلقاء نفسه. ومع ذلك، فإن تلك المواد تتطلب عدة دقائق لإغلاق الجرح ولا تعمل دائماً على الجروح التي تنزف بغزارة.

ويعمل الباحثون في معهد ماساتشوستس على معالجة هذه المشكلة لعدة سنوات. في عام 2019، طوّر الفريق شريط نسيج على الوجهين وأظهر أنه يمكن استخدامه لإغلاق الشقوق الجراحية. هذا الشريط، المستوحى من المادة اللاصقة التي تستخدمها العناكب لالتقاط فرائسها في الظروف الرطبة، يتضمن متعدد السكاريد -بوليمرات تتكون من النشا والجليكوجين والسيليلوز- والتي يمكن أن تمتص الماء من أيّ سطح على الفور تقريباً، ثم تلتصق بالجروح.

بالنسبة لغراء الأنسجة الجديد، فقد استلهمه الباحثون أيضاً من العالم الطبيعي. هذه المرة، ركزوا انتباههم على نوع من أنواع المحار يُسمى «البرنقيل» يلتصق بالصخور وأجسام السفن وحتى الحيوانات الأخرى مثل الحيتان. هذه الأسطح مبللة وغالباً ما تكون متسخة - وهي ظروف تجعل الالتصاق صعباً.

وقال الباحثون إنه ولإغلاق الأنسجة النازفة، عليك أن تقاوم ليس فقط البلل، ولكن أيضاً التلوث الناجم عن هذا الدم الخارج. تماماً مثلما يفعل البرنقيل. وجد الباحثون إن هذا المخلوق الذي يعيش في بيئة بحرية يفعل نفس الشيء بالضبط الذي يتعين علينا القيام به للتعامل مع مشكلات النزيف المعقدة.

وكشف تحليل الباحثين عن صمغ البرنقيل أن له تركيبة فريدة. يتم تعليق جزيئات البروتين اللزجة التي تساعد البرنقيل على الالتصاق بالأسطح في زيت يطرد الماء وأي ملوثات موجودة على السطح، ما يسمح للبروتينات اللاصقة بالالتصاق بقوة بالسطح.

قرر فريق معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ومؤسسة مايوكلينيك الطبية محاولة تقليد هذا الصمغ من خلال تكييف مادة لاصقة طوروها سابقاً. وتتكون هذه المادة اللاصقة من بوليمر يسمى (حمض الأكريليك) مدمج مع مركب عضوي يسمى NHS ester، والذي يوفر الالتصاق، والشيتوزان؛ وهو سكر يقوي المادة.

ويقول نبزديك إن مكونات المادة الجديدة طبيعية تماماً وهي شائعة الاستخدام في المجال الطبي، وبالتالي يتحملها الجسم. بمرور الوقت (عدة أشهر) سوف يتحلل الجسم تماماً من المعجون «وهي ليست سامة على الإطلاق ولا يُمكن أن تُسبب أي ضرر للجسم».

جمّد الباحثون صفائح من هذه المادة، وطحنوها إلى جزيئات دقيقة، ثم علقوا تلك الجسيمات في زيت السيليكون الطبي.

عندما يتم وضع المعجون الناتج على سطح مبلل مثل الأنسجة المغطاة بالدم، فإن الزيت يصد الدم والمواد الأخرى التي قد تكون موجودة، ما يسمح للجسيمات الدقيقة اللاصقة بالتشابك وتشكيل إغلاق محكم على الجرح.

أظهر الباحثون في الاختبارات التي أجريت على الفئران إنه في غضون 15 إلى 30 ثانية من وضع الغراء، مع الضغط البسيط، يتوقف النزيف.

وقال الباحثون إن إحدى مزايا هذه المادة الجديدة على الشريط ذي الوجهين الذي صممه الباحثون في عام 2019 هو أنه يمكن تشكيل المعجون ليلائم الجروح غير المنتظمة، في حين أن الشريط يمكن أن يكون أكثر ملاءمة لإغلاق الشقوق الجراحية أو ربط الأجهزة الطبية بالأنسجة.

وأضاف الباحثون أن المادة الجديدة يُمكن أن تتدفق بشكل قابل للتشكيل لتتناسب مع أي جرح غير منتظم وإغلاقه بسهولة وإحكام.

وحسب ما يقول نبزديك فمكونات المادة رخيصة إلى حد ما نظراً لأنها تحتوي على مكونات كيميائية شائعة، ولا تتطلب عوامل تخثر باهظة الثمن مثل العديد من عوامل التجلط عالية الجودة المستخدمة حالياً

ويأمل نبزديك في الحصول على موافقة إدارة الغذاء والدواء الأمريكية لتسويق ذلك المنتج، مشيراً إلى أن تلك المادة قوية وسهلة الاستخدام وبأسعار معقولة وغير سامة، ويمكن أن تصبح حجر الزاوية في رعاية حالات النزيف المعقدة سواء في ميادين القتال أو داخل غرف العمليات.