السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

نظرات الروبوتات «تُربك» الإنسان

نظرات الروبوتات «تُربك» الإنسان

وكالات

نظرة الروبوت «تختطف» الآليات «الاجتماعية المعرفية» للدماغ البشري، ما يجعل الدماغ يستجيب للروبوت كما لو كان شخصاً حياً واجتماعياً.

تُعد النظرة إحدى الإشارات القوية والمهمة للغاية أثناء التواصل والتفاعل بين البشر وبعضهم البعض، إذ تنقل النظرات النوايا وفي بعض الأحيان تعبّر عن قرارات الآخرين. لكن؛ ماذا لو تبادل إنسان وآلة النظرات؟ ماذا يحدث عندما يتفاعل إنسان وروبوت ينظران إلى بعضهما البعض؟

قام الباحثون من المعهد الإيطالي للتكنولوجيا بالتحقيق فيما إذا كانت نظرة الإنسان الآلي يُمكن أن تؤثر على طريقة تفكير الناس في سياق اتخاذ القرار الاجتماعي. ليجدوا أن النظرة المتبادلة مع الروبوت تؤثر على النشاط العصبي للإنسان، ما يؤثر على عمليات صنع القرار، لا سيما تأخيرها.


وهكذا، فإن نظرة الروبوت تجعل البشر ينظرون إليها وكأنها إشارة اجتماعية.


تم تصميم الدراسة، التي نُشرت في دورية «ساينس روبوتكس» في إطار مشروع شامل أكبر لرصد الإدراك الاجتماعي وكيفية التفاعل بين الإنسان والروبوت.. يعالج المشروع، المسمى «InStance»، مسألة متى وتحت أي ظروف يتعامل الناس مع الروبوتات ككائنات لها كينونة منفصلة، ومدى تأثير ذلك التفاعل على حالتهم العقلية ومعتقداتهم ورغباتهم.

في معظم مواقف الحياة اليومية، يحتاج العقل البشري ليس فقط إلى اتخاذ القرارات، ولكن أيضاً في توقع سلوك الآخرين والتنبؤ به.

في مثل تلك السياقات، يمكن أن تكون النظرة غنية بالمعلومات حول نوايا الآخرين وأهدافهم وقراراتهم القادمة. يهتم البشر بأعين الآخرين، ويتفاعل الدماغ بشدة عندما ينظر إليهم شخص ما أو يوجه النظر إلى حدث أو مكان معين في البيئة. حقق الباحثون في هذا النوع من التفاعل مع الروبوت.

تقول الباحثة في المعهد الدولي للتكنولوجيا «أجنيزكا ويكوسكا» وهي المؤلفة الأولى لتلك الدراسة، إن الروبوتات «سوف تكون حاضرة أكثر فأكثر في حياتنا اليومية» تعليقات أجنيزكا ويكوسكا، ولهذا السبب ليس من المهم فقط فهم الجوانب التكنولوجية لتصميم الروبوت، ولكن أيضاً فهم الجانب الإنساني من التفاعل بين الإنسان والروبوت. على وجه التحديد، من المهم فهم كيفية معالجة الدماغ البشري للإشارات السلوكية التي تنقلها الروبوتات.

طلبت «ويكوسكا» ومجموعتها البحثية من مجموعة من 40 مشاركاً أن يلعبوا لعبة استراتيجية كمبيوترية مع نوع من أنواع الروبوتات. وقامت خلال اللعبة بقياس سلوك المشاركين ونشاطهم العصبي عن طريق تخطيط كهربية الدماغ.

تصور تلك اللعبة موقفاً يتحرك فيه سائقان داخل سيارات محاكاة باتجاه بعضهما البعض في مسار تصادم وتعتمد النتيجة على ما إذا كان اللاعبون سيرضخون أو يستمرون في السير بشكل مستقيم.

وجد الباحثون أن المشاركين كانوا أبطأ في الاستجابة عندما تبادل معهم «الروبوت» النظرات أثناء اتخاذ القرار، مقارنة باستجابتهم إذ ما غض الروبوت بصره عنهم.

وقد تشير ردود الأفعال المتأخرة إلى أن النظرة المتبادلة تستلزم جهداً إدراكياً أعلى. فعلى سبيل المثال قد يتأخر رد فعل البشر لمحاولة استحضار المزيد من التفكير حول خيارات الروبوت. أو ربما يُحاولون درجة قمع ما يُعرف باسم «منبه النظرة» وهي عملية فسيولوجية تحدث في الدماغ ويحتمل أن تُسبب تشتت الانتباه.

تقول «ويكوسكا»: "فكر في لعب البوكر مع إنسان آلي. إذا نظر إليك الروبوت أثناء اللحظة التي تحتاج فيها إلى اتخاذ قرار بشأن الخطوة التالية، فستواجه وقتاً أكثر صعوبة في اتخاذ القرار مقارنة بالموقف الذي يحدق فيه الروبوت بعيداً. إذ سيحتاج عقلك إلى استخدام عمليات مُجهدة لمحاولة «تجاهل» نظرة الروبوت تلك".

تشير هذه النتائج إلى أن نظرة الروبوت «تختطف» الآليات «الاجتماعية المعرفية» للدماغ البشري وتربكها، ما يجعل الدماغ يستجيب للروبوت كما لو كان شخصاً حياً واجتماعياً. وبهذا المعنى، فإن «كونك اجتماعياً» بالنسبة للروبوت قد لا يكون مفيداً دائماً للبشر، حيث يتداخل مع أدائهم وسرعة اتخاذ القرار، حتى لو كان تفاعلهم المتبادل ممتعاً وجذاباً.

تأمل ويكوسكا ومجموعتها البحثية أن تساعد هذه النتائج علماء الروبوتات في تصميم روبوتات تُظهر السلوك الأكثر ملاءمة لسياق تطبيق معين. قد تكون الكائنات البشرية ذات السلوكيات الاجتماعية مفيدة في المساعدة في رعاية المسنين أو رعاية الأطفال، كما في حالة الروبوت المستخدم في تلك التجربة، أو أثناء العلاج التجريبي في علاج التوحد. من ناحية أخرى، عندما تكون هناك حاجة إلى التركيز على المهمات، كما هو الحال في إعدادات المصنع أو في التحكم في الحركة الجوية، فإن وجود روبوت بإشارات اجتماعية قد يكون مشتتاً للانتباه.