الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

التكنولوجيا فى مواجهة «كورونا»

غوغل تطور أداة لقياس الحرارة.. واعتماد أقنعة مضادة للبكتيريا

انتشر فيروس «كورونا» الجديد في أكثر من 100 دولة في العالم، بعد ظهوره للمرة الأولى بمدينة ووهان الصينية، وخلال فترة قصيرة للغاية تحوَّل إلى وباء عالمي وفق تصنيف منظمة الصحة العالمية، حيث اتخذت غالبية الدول العديد من الإجراءات الصارمة في مواجهته، والتي وصلت إلى العزل الكامل للمواطنين كما حدث في إيطاليا وغيرها.

وعندما بدأت الصين معركتها ضد الفيروس، اعتمدت في المقام الأول على قطاع التكنولوجيا القوي لديها، خاصة في مجالات الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات، وذلك لتتبع الفيروس ومكافحته، في الوقت الذي قامت فيه شركات التكنولوجيا العملاقة هناك بما في ذلك «علي بابا» و«بايدو» و«هاواوي» وغيرها بإطلاق وتسريع مبادرات الرعاية الصحية.

ونتيجة لتسارع الأحداث، دخلت شركات التكنولوجيا على الخط في التعاون مع الأطباء والأكاديميين والهيئات الحكومية في جميع أنحاء العالم، لاستغلال أقصى قدرات التكنولوجيا لمكافحة الوباء المستشري، وخلال الأسبوع الماضي، التقى مسؤولون من شركات أمازون وغوغل ومايكروسوفت وأبل وفيسبوك، مسؤولي الدولة في الولايات المتحدة وبريطانيا، لمناقشة كيفية مساهمة هذه الشركات في أزمة وباء كورونا، ومن بين الموضوعات التي تمت مناقشتها أساليب النماذج وتتبع البيانات، وتقنيات الذكاء الصناعي، خاصة بعدما ذكر تقرير لمنظمة الصحة العالمية الدور الهائل الذي لعبته البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي في إجراءات الصين للمكافحة.

وعلى أرض الواقع، تعمل فيسبوك، بالفعل، مع باحثين من هارفارد وجامعات تايوان في مشاركة بيانات مجهولة التفاصيل عن تحركات الأشخاص، بالإضافة إلى خرائط عالية الدقة للكثافة السكانية، لإنتاج حلول تساعد على التنبؤ بانتشار وتحركات الفيروس، كما تساعد الشبكة الاجتماعية، أيضاً، على فهم الحوارات الجماعية العامة حول المشكلة عبر الإنترنت من خلال أدوات مثل Crowdtangle التي تقوم بجمع منشورات وسائل التواصل الاجتماعي وتحليلها.

أمّا غوغل، وعبر الشركة العلمية التابعة له «فيرلي»، فتعمل على تطوير أداة صغيرة للغاية لقياس حرارة الجسد وإرسال البيانات إلى تطبيق للهاتف، وهو التطبيق الذي ربما يكون مفيداً للغاية خاصة لكبار السن، الذين يحققون أعلى معدلات إصابة بالفيروس، وكذا معدلات الوفيات.

دخلت التكنولوجيا على الخط في مجال تحديد الوباء وتعقبه وتوقع انتشاره،

ويقول الخبراء: إنه كلما استطعنا تتبع الفيروس بشكل أفضل، تمكنا من مكافحته بشكل أفضل، ومن خلال تحليل البيانات القادمة من التقارير الإخبارية ومنصات التواصل الاجتماعي والمستندات الحكومية، يمكن للذكاء الاصطناعي تعلم أساليب اكتشاف المرض.

وعملية تتبع مخاطر الأمراض المُعدية باستخدام الذكاء الاصطناعي هي بالضبط الخدمة التي توفرها شركة BlueDot الكندية، والمُثير أن هذه الشركة اعتماداً على تقنياتها المتطورة، أطلقت تحذيراً بشأن التهديد المنتظر من الفيروس قبل أيام طويلة من إصدار مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها أو منظمة الصحة العالمية تحذيرها الأول من الفيروس.

وتساعد تقنيات الذكاء الاصطناعي، أيضاً، في تشخيص الفيروس، حيث أطلقت شركة Infervision أحد الحلول التي تساعد العاملين في المجال الطبي على رصد واكتشاف المرض بكفاءة، حيث ترزح أقسام التصوير في مرافق الرعاية الصحية تحت ضغط العمل مع زيادة العبء الناتج عن انتشار الفيروس، ويعمل هذا الحل على تحسين سرعة التشخيص باستخدام الأشعة المقطعية، بالإضافة إلى ذلك، قامت شركة التجارة الإلكترونية العملاقة «علي بابا» ببناء نظام تشخيص يعتمد على الذكاء الاصطناعي، يقولون إن بمقدوره تشخيص المرض بنسبة لا تقل عن 96% خلال ثوانٍ معدودة.

وفي مثل هذه الظروف، لا يتعلق الأمر، فقط، بالعمليات الصحية السريرية، ولكن، أيضاً، بسرعة اتخاذ وإنجاز القرارات الإدارية والمالية عند التعامل مع عدد كبير من المرضى، وفي هذا الإطار، تساعد منصة Ant Financial التي تعمل بتكنولوجيا «البلوك تشين»، في تسريع التعامل مع المطالبات وتقليل التعاملات وجهاً لوجه بين المرضى وطواقم المستشفيات.

وفي حالة الانتشار الواسع للفيروس، فإن واحدةً من أسلم وأسرع الطرق للحصول على الإمدادات الطبية المطلوبة، هي استخدام الطائرات من دون طيار «درونز»، وتستخدم شركة Terra Drone مركباتها الجوية التي تعمل من دون طيار لنقل العينات الطبية ومواد الحجر الصحي بين مركز مكافحة الأمراض في مقاطعة «زينشانغ» الصينية والمستشفيات، مع تقليل المخاطر المتعلقة بالتعامل وجهاً لوجه، وتستخدم هذه الطائرات أيضاً في حراسة المنشآت العامة، والتصوير الحراري، وتتبع عدم الالتزام بتعليمات الحجر الصحي.

لا تتعرض الروبوتات للعدوى من الفيروس، ولذا يتم نشر الأجهزة الآلية «الروبوتات» لتنفيذ العديد من المهام المطلوبة لحصار الفيروس، مثل: عمليات التنظيف والتعقيم وتقديم الطعام والدواء لتقليل عمليات الاتصال بين البشر، كما تستخدم روبوتات خاصة تنتجها شركة Blue Ocean Robotics الأشعة فوق البنفسجية، لقتل البكتيريا والفيروسات من دون تدخل بشري، بينما قامت شركة «بودو» الصينية التي تبيع الروبوتات إلى المطاعم لأداء المهام بتغيير برمجتها، لتعمل في أكثر من 40 مستشفى في أنحاء البلاد لدعم جهود مكافحة الفيروس.

أمّا بخصوص تطوير اللقاحات المطلوبة لمواجهة الفيروس، فقد قامت غوغل باستخدام قدرات قسم DeepMind المختص بشؤون الذكاء الاصطناعي في تسخير قدرات الحوسبة وأحدث الخوارزميات لفهم البروتينات التي يتكون منها الفيروس، مع نشر النتائج التي يحصلون عليها لمساعدة الآخرين على تطوير اللقاحات.

وبينما تستخدم شركة «بونيفولينت» أنظمة الذكاء الاصطناعي لتطوير عقاقير يمكنها مواجهة أصعب الأمراض في العالم، تعمل حالياً على المساعدة في دعم جهود مواجهة فيروس كورونا، وهي المرة الأولى التي تركز فيها الشركة العمل على الأمراض المُعدية، وخلال أسابيع من انتشار المرض، تستخدم الشركة قدرات أنظمتها التنبؤية في اقتراح الأدوية المتوافرة، والتي يمكن أن تكون مفيدة في مواجهة الفيروس.

وفي سباق الزمن لإنتاج لقاح لمواجهة الفيروس، تستخدم شركات التكنولوجيا العملاقة مواردها المتاحة من الحلول السحابية، بالإضافة إلى قدرات «السوبر كمبيوتر» لتسريع عمليات تطوير أول لقاح، ومع استخدام تلك القدرات الفائقة للحوسبة، فإن عمليات إجراء الحسابات المعقدة، بالإضافة إلى تنفيذ حلول النماذج، تمضي بوتيرة أسرع بكثير.

التكنولوجيا يمكن أن تساهم، أيضاً، في عمليات الحماية والوقاية، حيث يجري العمل، حالياً، على محاولة ابتكار أقمشة متطورة تساهم في دعم الأنظمة الصحية، وعلى سبيل المثال: تعمل شركات مثل «سونوفيا» على إنتاج أقنعة وجه مصنوعة من نسيج مضاد للبكتيريا يعتمد على جسيمات النانو من المعادن المؤكسدة.

ومع انتشار إجراءات العزل أو الحجر على مستوى المدن أو حتى الدول، يمكن لتقنيات الذكاء الاصطناعي، المساعدة في التعرف على عدم الممتثلين لهذه الإجراءات، وعلى الرغم أن هذا الاستخدام يمكن أن يكون مثيراً للجدل، أو حتى الخلاف، فإنه في هذه الأوقات العصيبة يتم استخدام كل الوسائل المتاحة لمواجهة الفيروس، على سبيل المثال، تم استخدام نظام المراقبة المتطور في الصين مع تقنية التعرف على الوجه وبرامج الكشف عن درجات الحرارة التي تقدمها شركة SenseTime لتحديد الأشخاص المصابين بالحمى ويكونون أكثر عرضة للإصابة بالمرض، ويتم استخدام تقنيات مماثلة ضمن «الخوذات الذكية» التي يستخدمها المسؤولون في مقاطعة سيشوان الصينية لتحديد المصابين بالحمى.

كما طوّرت الحكومة الصينية، أيضاً، نظام مراقبة حمل اسم Health Code، يستخدم البيانات الكبيرة، لتحديد وتقييم مخاطر كل فرد، بناءً على تواريخ سفرهم، والوقت الذي قضاه كل منهم في النقاط الساخنة للفيروس، واحتمالية تعرضهم لأشخاص مصابين، ويتم تحديد لون لكل مواطن: أحمر أو أصفر أو أخضر، والذي يمكن الوصول إليه عبر التطبيقات الاجتماعية الشائعة مثل: «ويى شات» أو «علي باي» لتحديد ما إذا كان يجب عزلهم أو السماح لهم بالتجول في الأماكن العامة.