الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

تقنيات صحافة الذكاء الاصطناعي والفجوة التكنولوجية بين الدول المتقدمة والنامية

تقنيات صحافة الذكاء الاصطناعي والفجوة التكنولوجية بين الدول المتقدمة والنامية

يشهد العالم بقوة النمو الكبير في تقنيات الذكاء الاصطناعي يوماً بعد يوم، في شتى المجالات الاقتصادية، التصنيع، الرعاية الصحية، وتكنولوجيا وسائل الإعلام أو ما يمكن أن نسميه «صحافة الذكاء الاصطناعي» وغيرها من المجالات التي تنفق عليها الدول المتقدمة مليارات الدولارات سنوياً.

وفي الوقت نفسه أظهر النمو الكبير في تقنيات وأدوات الذكاء الاصطناعي، الفجوة الضخمة بين الدول المتقدمة والنامية في امتلاك تلك التقنيات أو حجم الاستثمارات السنوية فيها.

وفقاً للمؤشر العالمي للذكاء الاصطناعي لعام 2019، هناك بعض النقاط البارزة حول نمو تقنيات الذكاء الاصطناعي العالمي، والتي تظهر الفجوة الهائلة بين الاقتصادات المتقدمة والنامية:

-الذكاء الاصطناعي هو المجال الأكثر شيوعاً لتخصص دراسات الدكتوراه في علوم الكمبيوتر، وفي عام 2018، تخصص 21 % من الخريجين في التعلم الآلي أو تقنيات الذكاء الاصطناعي. من عام 1998 إلى 2018، نمت أبحاث الذكاء الاصطناعي التي خضعت لاستعراض النظراء بنسبة 300%.

- في عام 2019، كان الاستثمار العالمي الخاص في الذكاء الاصطناعي أكثر من 70 مليار دولار، مع استثمار بدء التشغيل 37 مليار دولار، وعمليات الدمج والاستحواذ 34 مليار دولار، والاكتتابات الأولية 5 مليارات دولار، وحصة الأقلية 2 مليار دولار. قادت المركبات المستقلة الاستثمار العالمي في العام الماضي (7 مليارات دولار)، يليها المخدرات والسرطان، والتعرف على الوجه، ومحتوى الفيديو، وكشف الاحتيال، والتمويل.

- تنشر الصين الآن العديد من الصحف والمجلات والمؤتمرات مستخدمة تقنيات الذكاء الاصطناعي سنوياً مثل أوروبا، بعد أن فاقت الولايات المتحدة في عام 2006.

- أكثر من 40% من الدراسات والأبحاث من أوراق مؤتمر الذكاء الاصطناعي إلى مؤلفين من أمريكا الشمالية، ونحو 1 من كل 3 من شرق آسيا.

- شهدت سنغافورة والبرازيل وأستراليا وكندا والهند أسرع نمو في توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي من عام 2015 إلى عام 2019.

- تم إيداع الغالبية العظمى من براءات الاختراع في مجال تقنيات الذكاء الاصطناعي المودعة بين 2014-2018 في دول مثل الولايات المتحدة وكندا، وتم إيداع 94% من براءات الاختراع في الدول الغنية.

- بين عامي 2010 و2019، زاد العدد الإجمالي لأبحاث تقنيات الذكاء الاصطناعي 20 مرة على منصة النشر الأكاديمي الشهيرة( arXiv ).

أظهر تقرير صادر عن «UK Tech For a Changing World» أن الاستثمارات في مجال تقنيات الذكاء الاصطناعي (AI) بين عامي 2015 و2019، زادت بمعدل كبير للغاية، حيث تصدرت الولايات المتحدة دول العالم، واجتذبت أكثر من نصف جميع استثمارات الذكاء الاصطناعي العالمية خلال فترة الخمس سنوات، تليها الصين والمملكة المتحدة.

السؤال الأهم

يبقى السؤال الأهم: إلى متى تظل دول العالم النامي متأخرة تماماً في ظل التطور التكنولوجي الكبير في الدول المتقدمة.

فهناك مدن كاملة تحولت إلى خضراء وأصبحت مستدامة في أمريكا وأوروبا، في حين أن هناك مدناً لم تصل الكهرباء إلى العديد من المناطق فيها في أفريقيا وآسيا.

وهناك شعوب تتمتع بتكنولوجيا الـ(5G) وتقنيات الذكاء الاصطناعي كاملة، في حين هناك شعوب أخرى تفتقر لشبكات الإنترنت الأرضي.

وعلى سبيل المثال أيضاً عند الحديث حول تقنيات صحافة الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا الإعلام، وأدوات وحلول الثورة الصناعية الرابعة وكيف يمكن تطبيق نموذج الاتصال الحديث «نموذج عبد الظاهر للاتصال في صحافة الذكاء الاصطناعي»، نجد أن هناك العديد من الدول المتقدمة قطعت شوطاً كبيراً في توظيف تلك التقنيات في منظومتها الإعلامية، وأصبحت صحافة الذكاء الاصطناعي جزءاً من ثورتها التكنولوجية واستفادتها من تقنيات الثورة الصناعية الرابعة، في نقل الرسالة الإعلامية، وخلق قواعد بيانات ضخمة تعتمد على الروبوت، واستخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد، والتسويق الروبوتي، علاوة على الحوسبة السحابية في أرشفة آلاف الأخبار والمحتوى الإعلامي.

وعلى النقيض من ذلك هناك العديد من الدول النامية في أفريقيا وآسيا تفتقر إلى وجود أقمار صناعية سريعة ورخيصة للبث المباشر، أو حتى أية تقنيات للذكاء الاصطناعي يعتمد عليها ضمن مفهوم «صحافة الذكاء الاصطناعي» ولا تزال بعض الدول تعتمد على إعلام الدولة والقنوات الرسمية فقط، وتعيش حقبة إعلام الستينيات والسبعينيات.

فهناك دول تنفق ملايين الدولارات على تقنيات صحافة الذكاء الاصطناعي عالمياً، وهو ما يفوق أكثر من ميزانيات سنوية لعشر دول أفريقية، لتحصد أيضاً في المقابل أضعاف ما تنفق كأرباح سنوية طائلة.

فمثلاً، وفقاً لتقرير «PriceWaterhouseCoopers» حول حجم ما تنفق الولايات المتحدة في مجال الإعلام والترفيه (M&E) أكد أن سوق الولايات المتحدة يصل حجمه إلى 703 مليارات دولار، يتكون من مجموعة من الشركات التي تنتج وتوزع الصور المتحركة والبرامج التلفزيونية والإعلانات التجارية، وتدفق المحتوى والموسيقى والتسجيلات الصوتية والبث والإذاعة ونشر الكتب وألعاب الفيديو والخدمات والمنتجات. حيث يمثل سوق الولايات المتحدة 33% من صناعة الإعلام والترفيه عالمياً، وهو يعد أكبر سوق في هذا المجال في العالم. من المتوقع أن تصل صناعة الإعلام في أمريكا إلى 804 مليارات دولار بحلول عام 2021.

«كوفيد-19» ونمو تقنيات الذكاء الاصطناعي

من المتوقع أن ينمو سوق الذكاء الاصطناعي العالمي من 28.42 مليار دولار في 2019 إلى 40.74 مليار دولار في 2020 بمعدل نمو سنوي مركب (CAGR) يبلغ 43.39%. ويرجع هذا النمو بشكل أساسي إلى حالة الطوارئ الصحية العالمية نتيجة لتفشي وباء «كوفيد-19»، في جميع أنحاء العالم، والتي أدت إلى موجة جديدة من التقنيات التحويلية بما في ذلك تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي الثورية (على سبيل المثال - الآلات الذكية والروبوتات) الناشئة كحل محتمل لاحتواء الوباء. ومن المتوقع بعد ذلك أن يتعافى السوق ويصل إلى 99.94 مليار دولار في عام 2023 بمعدل نمو سنوي مركب قدره 34.86%. وفقاً لتقرير حديث صادر عن (ResearchAndMarkets ).

ومن الملاحظ أن معظم تقنيات الذكاء الاصطناعي يتم تطويرها وإنتاجها في أسواق الدول الغنية بدلاً من الأسواق الناشئة. هناك أسباب عديدة لذلك؛ لما تتطلب تلك التقنيات من استثمارات بمليارات الدولارات ومهارات عالية التخصص غالباً ما توجد في الولايات المتحدة أو أوروبا.

تتحمل اقتصادات الدول النامية فقط تقنيات الذكاء الاصطناعي التي قد ترتبط مباشرة بالرعاية الصحية، أو طبيعة الخدمات المقدمة، نظراً للحاجة الشديدة لها في ذلك، ووفقاً لـ .«Oxford Review»

وهنا تظل الفجوة كبيرة بين دول تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي ليس من باب الترفيه بل من باب الحاجة الملحة، وتوفير الجهد البشري والإنفاق المالي الكبير، إلى دول أخرى تظل مستهلكة وتعتمد – في معظم الأحيان – على تلك التقنيات كنوع من الرفاهية أو – الديكور التكنولوجي- دون وضعها في المكان الصحيح وبالطريقة الصحيحة.