الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

تقنيات إنترنت الأجسام ومستقبل اندماج الإنسان مع الآلات

تقنيات إنترنت الأجسام ومستقبل اندماج الإنسان مع الآلات

هل تخيلت يوماً أن تخترق تقنيات الذكاء الاصطناعي العقل البشري، لتقيس انفعالاتنا، همومنا، سلوكياتنا، بل تذهب لأبعد من ذلك فتحدد ملامح من بعض خطط المستقبل لديك؟

اليوم يواجه العالم ظهوراً كبيراً وتطوراً سريعاً في تقنيات إنترنت الأجسام
Internet_of_Bodies (IoB)، وهى تلك التقنيات المزودة بخاصية الاستشعار التى قد تتلاحم وتتناغم مع بعض الأعضاء البشرية لتقيس وترصد العديد من الحركات والانفعالات، وبالتالي تسمح للإنسان بالتواصل مع بعض الآلات والأدوات وتقنيات الذكاء الاصطناعي، وقد تساهم في التنبؤ ببعض السلوكيات، أو الأمراض أو متابعة الحالات المرضية وتشخيصها أولاً بأول بسرعة ودقة فائقتين.

الأمر الذي زاد من مخاوف العديد من العلماء والمؤسسات البحثية حول مخاطر اختراق العقل البشري في المستقبل، وبالتالي التعرف إلى العديد من الأسرار والخصوصيات التي تحمل سمات الشخصية الإنسانية، وتصبح متاحة مثلها مثل أي بيانات عامة على شبكات الإنترنت وقواعد البيانات المختلفة.

الجسم منصة تكنولوجية

دفعت التطورات التكنولوجية الحديثة والطفرة في تقنيات الذكاء الاصطناعي، إلى دخول العالم حقبة جديدة من تقنيات «إنترنت الأجسام» (IoB)، في ظل وجود عدد غير مسبوق من الأدوات وأجهزة الاستشعار المتصلة بالأعضاء البشرية، والتي يتم لصقها أو حتى زرعها واستيعابها في جسم الإنسان.

لذا تحول هذا الجسم البشري إلى منصة تكنولوجية. لما تولد تقنيات «إنترنت الأجسام» (IoB) من كميات هائلة من البيانات الحيوية التي تقيس بعضاً من السلوك البشري. وهذا بدوره يعزز التحول الكبير في مجال البحوث والدراسات الصحية والصناعة، فضلاً عن جوانب أخرى من الحياة الاجتماعية، مثل اعتماد تقنيات «إنترنت الأجسام» في إعدادات العمل، أو توفير خيارات جديدة للترفيه، كل ذلك مع ابتكارات رائعة تعتمد على البيانات والمنافع الاجتماعية. (تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي).

إيلون ماسك، مؤسس شركة Tesla وSpaceX، أعلن الأسبوع الجاري عن نجاح أول تجربة عالمية في زرع شريحة كمبيوتر بحجم قطعة نقد معدنية في دماغ خنزير. وأكد ماسك، في بث عبر الإنترنت، أن الأمر يشبه وجود جهاز تتبع في جمجمتك موصولة به أسلاك متناهية الصغر". وأوضح أن مثل هذه الشرائح قد تساعد، في المستقبل، في علاج حالات مثل الخرف ومرض الشلل الرعاش وإصابات الحبل الشوكي.

والغريب في الأمر أن ماسك يهدف إلى أبعد من مجرد تجربة لاندماج العقل البشري بالآلات، فهو يهدف إلى الوصول إلى ما يصفه بـ«الإدراك البشري الخارق»، لمواجهة تفوق تقنيات الذكاء الاصطناعي الذي يعتقد أنها قد تكون مدمرة للجنس البشري، إذا استمرت في تفوقها عليه.

فالتقنية الجديدة عبارة عن مجس صغير يحتوي على أكثر من 3000 قطب كهربائي موصولة بأسلاك مرنة أرفع من شعرة الإنسان، ويمكنه مراقبة نشاط 1000 خلية عصبية في الدماغ.

إذن تلك التجربة قد تفتح الآفاق من جديد لعودة القوة البشرية في مواجهة أي تفوق، قد يعتقد البعض، أنه يُحسب للتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي على حساب عقل الإنسان، أو بصورة أكثر دقة «اندماج العقل البشري مع تقنيات الذكاء الاصطناعي والقوة المصطنعة المُتاحة للآلات».

تقنيات دقيقة

حتى الآن، توجد العديد من الأجهزة الذكية التي تُزرع في الجسم البشري بهدف مراقبة بعض الأعضاء، ومتابعة الحالات الصحية للمرضى، وإرسال تقارير دورية يمكن للشخص العادي متابعتها وقراءتها على هاتفه الذكي. فهناك تقنيات ذكية تتمثل في أقراص ذكية ودقيقة للغاية تحتوي على مستشعرات يتم تطويرها لتقديم علاج للسرطان، وأخرى تقوم بمراقبة الأجهزة الداخلية في المعدة وإرسال تقارير الحالة إلى هاتف ذكي. كما يجري حالياً اختبار زرع جهاز في المخ لعلاج أعراض باركنسون والزهايمر بواسطة رقائق.

وأيضاً هناك جهاز دقيق على شكل «بنكرياس صناعي» يقوم بمراقبة مستوى الجلوكوز في الدم ويقدم الأنسولين، وآخر يقوم بمراقبة ضغط الدم ونبضات القلب عن بُعد.

استثمارات مستقبلية

على الرغم من أن إنترنت الأجسام (IoB) قد يبدو استثماراً مستقبلياً كبيراً، إلا أن العديد من الأشخاص مرتبطون به بالفعل من خلال أجهزة يمكن ارتداؤها. حيث نما قطاع الساعات الذكية وحده ليصبح سوقاً بقيمة 13 مليار دولار بحلول عام 2018، ومن المتوقع أن يزيد بنسبة 32% أخرى ليصل إلى 18 مليار دولار بحلول عام 2021. كما يمكن لفرش الأسنان الذكية وحتى فرش الشعر أن تتيح للأشخاص تتبع أنماط العناية الشخصية وسلوكهم. بالنسبة للمهنيين في قطاع الرعاية الصحية، سوف يفتح إنترنت الأجسام (IoB) الباب لعصر جديد من المراقبة الفعالة والعلاج. (Xiao Liu, WEF Report )

وبلغ حجم سوق إنترنت الأشياء (IoT) أكثر من 250 مليار دولار أمريكي عام 2019 ومن المتوقع أن يصل إلى 1.463 تريليون دولار أمريكي بحلول عام 2027، ما يمثل معدل نمو سنوياً مركباً يبلغ 24.9% خلال الفترة المتوقعة، وفقاً لتقرير Fortune Business Insights.

يعمل التنوع والكم الهائل من البيانات التي يتم جمعها من خلال تقنيات إنترنت الأجسام على الدفع بالعديد من التحولات في البحوث الصحية والقطاع الصناعي، ولا سيَّما مع تطوير سوق الرعاية الصحية الرقمية (عن بُعد) المباشر إلى المستهلك. كما تم اعتماد تقنيات إنترنت الأشياء لتعزيز سلامة العمل في ظل السيناريوهات عالية المخاطر.

وفقاً لتقرير المنتدى الاقتصادي هناك 4 صفات رئيسية بارزة سوف تُساهم في تشكيل مستقبل إنترنت الأجسام عالمياً، وهي:

1- القدرة على تتبع المرضى عن بُعد والحد من انتقال العدوى

حيث تسمح المراقبة المستمرة للعلامات الحيوية للجسم من خلال المستشعرات لمقدمي الرعاية الصحية بتتبع حالة المرضى بشكل أفضل داخل وخارج المرافق الطبية، من البيانات المتعلقة بضغط الدم ومستويات الأكسجين ومستويات الجلوكوز ومعدل ضربات القلب إلى كافة التطورات الصحية للشخص المريض.

2- تحسين مشاركة المريض وتعزيز أسلوب الحياة الصحي

تسهل تقنيات إنترنت الأجسام IoB توسيع نطاق الرعاية الصحية لإشراك المرضى بشكل نشط خارج إطار الطب التقليدي.

على سبيل المثال، برنامج إعادة تأهيل افتراضي بدأه Kaiser Permanente في جنوب كاليفورنيا عام 2019، حيث قام المهنيون الصحيون بمراقبة التمارين وعادات تناول الأدوية للمرضى المسجلين الذين يتعافون من أمراض قلبية مزمنة.

3- تقدم أدوات الطب الوقائي والرعاية الصحية الدقيقة

حيث تتيح البيانات التي توفرها تقنيات إنترنت الأجسام IoB للأطباء اكتشاف الأمراض مبكراً وتقديم الإجراءات الوقائية لها.

4- تعزيز السلامة في مكان العمل

بالإضافة إلى تطبيقات الرعاية الصحية، يتم أيضاً اعتماد تقنيات إنترنت الأجسام IoB في أماكن العمل الخطرة مثل مواقع البناء والمناجم والمصانع لتتبع موقع العمال، والإشراف على المخاطر البيئية، وتقليل التعرض للإصابات الرياضية والعظام أو غيرها من الأضرار، وتخفيف المخاطر عن طريق إصدار المعلومات عن بُعد، وزيادة وعي الأشخاص بها.