الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

7 تحديات تواجه ممارسات الذكاء الاصطناعي في إطار المسؤولية القانونية والأخلاقية

7 تحديات تواجه ممارسات الذكاء الاصطناعي في إطار المسؤولية القانونية والأخلاقية
حدد مستثمرون ومسؤولون في مجالات الذكاء الاصطناعي، وقانونيون، 7 تحديات أساسية أمام تطور ممارسات وأعمال الذكاء الاصطناعي ضمن المسؤوليات القانونية والأخلاقية.

وتتمثل تلك التحديات في عدم وجود قوانين خاصة لتنظيم استخدام الآلات التي تمتلك ذكاء اصطناعياً، كما أن الأطر التنظيمية المتوافرة لا تواكب التطور المتلاحق في تقنية الذكاء الاصطناعي، وصحة العقود التي قد تبرمها البرامج الذكية دون أي تدخل بشري، وكيفية إسناد المسؤولية عن التصرفات غير المتوقعة للبرامج التقنية، كما أن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي لم تصل إلى درجة الكمال القصوى، وبرامجها عرضة للإصابة بالفيروسات أو الأعطال الفنية، والتشريعات عاجزة عن حماية المستخدم من أخطاء الآلة إذ تضع المسؤولية الكاملة على من يستخدم الأنظمة الإلكترونية، دون اعتبار للبيئة المحيطة والعوامل ذات الصلة.

وأكد خبراء اقتصاديون أن التشريعات القانونية الناظمة لأي قطاع استثماري، تسهم في توفير بيئة منسجمة وتتناسب مع أهداف النمو المنشودة في القطاع المعني، ضمن سياسات محددة تعمل على تعزيز الاستخدامات بالشكل الذي يحقق الطمأنينة للمستثمرين.

واعتبروا أن مجالات الذكاء الاصطناعي تنمو بشكل كبير جداً، الأمر الذي يحتم على الجهات المعنية السعي لإعداد تشريعات قانونية تضبط استخداماتها، وتحدد المسؤوليات في نتائج الممارسات والأعمال، لخلق بيئة استثمارية متطورة ورائدة في التقنيات التكنولوجية المرتبطة بالذكاء الاصطناعي.

وتطرقوا إلى أن التقنية تسبق التشريعات، نظراً لتطورها المتلاحق والسريع، ودخولها في المجالات كافة، ما يتطلب صياغة قوانين مرنة قادرة على مواكبة الحداثة والتطور لممارسات الذكاء الاصطناعي.

ولفتوا إلى أن أي بيئة استثمارية نامية ومتطورة، يجب أن تستند على تشريعات قانونية تضبط الممارسات والأعمال، لتشكل بيئة جاذبة للاستثمارات الدولية، مضيفين أن العالم لم يصل بعد إلى أطر تشريعية موحدة تنظم التطور التكنولوجي والتقني وتحدد مسؤولياته القانونية والأخلاقية.

من المسؤول عن الخطأ؟

وأفاد رئيس قسم القانون الخاص في جامعة الإمارات الأستاذ الدكتور عماد عبدالرحيم الدحيات، بعدم وجود أي قوانين خاصة لتنظيم الحالات التي تنتهك الذكاء الاصطناعي، فالتشريعات الحالية تنظم برامج الكمبيوتر التي تعمل بشكل مؤتمت، لكنها لم تنظم البرامج التي تعمل بشكل مستقل مثل الروبوتات العاملة في العديد من المجالات.



وأكد أن التشريعات لم تتضمن أي معالجة شاملة للجوانب المختلفة لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، إذ إن معظم التشريعات اعتبرت أعمال البرامج امتداداً لمستخدميها الذين يسألون بشكل مطلق عن نتائج أعمالها كما لو كانت صادرة مباشرة عنهم، لتساوي التشريعات في الحكم بين البرامج الذكية والبرامج الأخرى التي تفتقد لخصائص الذكاء والاستقلالية والحركة.

وأوضح أن البرامج الذكية تتمتع باستقلالية غير متوقعة، وفقاً لما تمليه عليها البيئة المحيطة، وتتخذ قراراتها دون الرجوع إلى مستخدميها، ما قد يخلق مخاوف بشأن المسؤولية القانونية والأخلاقية التي قد تترتب على أعمال هذه البرامج، مثل أن تلحق مركبة ذاتية القيادة أضراراً بالغة، نتيجة عوامل لا يمكن التنبؤ بها أو دفعها، متسائلاً عن المسؤول الذي ينبغي أن يُسأل في مثل هذه الاحتمالات، أهو المستخدم، أم المبرمج، أم الشركة الصانعة، أم مدير الموقع الإلكتروني، أم مزود الخدمة أم الآخرون؟

وأشار إلى أن مجموعة من التحديات التي تثيرها تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي والمتمثلة في أنها لم تصل بعد إلى درجة الكمال القصوى، ولا تزال برامجها عرضة للإصابة بالفيروسات أو الأعطال الفنية، ما قد يجعلها أحياناً تعمل بطريقة غير متوقعة أو غير مخولة، ويلحق أضراراً بالغة تعيد إلى الأذهان التساؤل عن كيفية توزيع المسؤولية الناجمة عن أعمال مثل هذه البرامج.

وأضاف أن فشل البرنامج الذكي أو الروبوت لا يعود دوماً إلى وجود إهمال أو خطأ في عمليتي البرمجة والتطوير، أو إلى مشكلات في الاستخدام والتوجيه، بقدر ما يرتبط أحياناً بطبيعة البرنامج والبيئة الرقمية، أو بعوامل وأطراف أخرى يصعب تحديدها بدقة، ومنها الفيروسات والأعطال الفنية، مشيراً إلى ضرورة إيجاد آلية لإسناد المسؤولية القانونية بشكل يرسي التوازن بين جهات التصميم والإنتاج والاستخدام.

استحداث معايير قريباً

وأوضح أن دولة الإمارات العربية المتحدة ساهمت في عدة نقاشات من خلال عقد العديد من المؤتمرات القانونية المتخصصة، والتي ستفضي قريباً إلى استحداث معايير مهنية وصناعية وأخلاقية، فيما يتعلق باستخدام تقنيات «الذكاء الاصطناعي»، للخروج بتوصيات تدعو إلى ضرورة استحداث قواعد قانونية خاصة بالمسؤولية عن أعمال الروبوتات، وصولاً إلى المشاركة في إيجاد مركز قانوني خاص للروبوتات المتطورة يتمثل بمنحهم شخصية قانونية إلكترونية.

وأوصى الدكتور الدحيات بضرورة سن قانون خاص بالذكاء الاصطناعي، شريطة أن يؤدي علماء الحاسوب دوراً في صياغة نصوصه بالاشتراك مع ممثلين عن القطاعات المعنية بتقنية الذكاء الاصطناعي، ومراعاة التقيد بالمتطلبات القانونية أثناء البرمجة والتطوير للتطبيقات الذكية للحد من خطورتها، فضلاً عن ضرورة التمييز في الحكم بين البرامج تبعاً لدرجة تطورها وذكائها، ووضع معايير مهنية وصناعية وأخلاقية، فيما يتعلق باستخدام تقنيات «الذكاء الاصطناعي»، وحصر هذا الاستخدام في مرحلة أولى بالشركات المؤهلة فنياً ومالياً، لتحمل التبعات التي قد تنجم عنه، وإعداد الكوادر الوطنية للتعامل مع مختلف جوانب هذه التقنية، ونشر الوعي بمزاياها ومخاطرها المختلفة.

التقنية تسبق التشريعات

من جهته، أكد رئيس مجلس إدارة شركة «سمارت وورلد» المتخصصة في مجال الحلول الرقمية والذكية الدكتور سعيد الظاهري، أن التقنية تسبق التشريعات، لذلك تعمل الجهات المعنية في دولة الإمارات على تطوير منظومة تشريعية تنسجم مع تطورات الذكاء الاصطناعي واستخداماته، ضمن مسيرتها الاستراتيجية 2031 في هذا المجال، الأمر الذي سيقود إلى خلق بيئة عالمية رائدة وجاذبة للاستثمارات في مجالات عمل الآلة.



وأوضح أن الاستخدام المسؤول للذكاء الاصطناعي يتضمن 5 عوامل أساسية لتقنين ممارساته وأعماله وهي، عدم الانحيازية التي يمكن أن تشكل ثغرات في السلوكيات غير المرغوبة في طبيعة العمل، إذ لا بد من أن تكون الخوارزميات شمولية ومتنوعة، والقدرة على توضيح نتيجة القرار لتحديد المسؤولية، علاوة على تأمين الخوارزميات من الاختراقات، والحوكمة لطريقة استخدام الخوارزميات، وأخيراً الأخلاقيات والتشريع القانوني الذي يتناسب مع تطورات التكنولوجيا التقنية ومجالات في الذكاء الاصطناعي.

ولفت إلى أن القوانين لم تتطور بما يتماشى مع تطور التكنولوجيا التقنية حتى اليوم، ولا يوجد ما يحدد المسؤوليات القانونية والأخلاقية في استخدامات الذكاء الاصطناعي، لذلك تسعى الجهات المعنية في الإمارات إلى إعداد تشريعات قانونية لضبط ممارساته، بحيث تكون متطورة وتنسجم مع سرعة تطور التقنية واستخداماتها.

نمو استخدام الذكاء الاصطناعي

وقال نائب الرئيس التنفيذي لوحدة الأعمال التجارية في الشرق الأوسط وإفريقيا وأوروبا الوسطى لدى شركة سيلزفورس، تيري نيكول، إنه رغم أن جائحة كوفيد-19 أجبرت صناعات على تغيير نماذج أعمالها وقدراتها الرقمية بحكم الضرورة، إلا أن تلك الصناعات التي تعمل على تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي تسعى باستمرار لاستخدام التقنية بهدف تعزيز الأساليب التي نتبعها في العمل والحياة، مع طموحات في جعلها أكثر سرعة وفعالية.



وأشار إلى أنه برغم الفوائد المتمثلة في جعل الحياة أسهل وأكثر راحة، إلا أن تطوير الأتمتة قد أثار مخاوف بشأن مستقبل الوظائف والمسؤولية القانونية والأخلاقية لعمل الآلة.

بدوره، قال مدير أول للقطاعات واستشارات الأعمال لدى SAP في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا روديون سنيل، إنه يجب تكوين صورة واضحة عن الأهداف المنشودة من استخدام الذكاء الاصطناعي في الشركات، فالذكاء الاصطناعي مجرد أداة واحدة ضمن مجموعة الأدوات التقنية التي يمكن استخدامها لتحقيق النتائج المطلوبة في الأعمال.



واعتبر أن نجاح الذكاء الاصطناعي يتوقف على البيانات المستخدمة في تدريبه، لذلك فإن استخدام بيانات عالية الجودة من خلال هندسة البيانات الفعالة هو مفتاح نجاح الذكاء الاصطناعي في المؤسسات.