الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

كابوس «تويتر» يقترب من النهاية

كابوس «تويتر» يقترب من النهاية

يمتلك الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قناة تواصل مباشرة مع قاعدة لا يستهان بها من أنصاره ومؤيديه، من خلال حساب على «تويتر» يتابعه أكثر من 89 مليون شخص، ولا يتوقف الرجل عن استغلال تلك الأداة بطريقة تثير الجدل في أفضل الأحوال، والأكثر من ذلك أن المنصة تمنحه حصانة من الالتزام بالكثير من القواعد التي يلتزم بها غالبية المستخدمين، نظراً لوضعه السياسي كرئيس واحدة من أكبر دول العالم، وهو الأمر الذي يتحول في كثير من الأحيان إلى كابوس مستمر لمنصة التواصل الاجتماعي، ولكن هذا الأمر على وشك أن يتغير.



التغريدات المثيرة للجدل التي يطلقها ترامب عبر حسابه لا تتوقف، وبعضها مثير للفزع نظراً لمنصبه، كما أنه في أحيان أخرى يشارك بتغريدات تدعم نظريات مؤامرة حول تورط «آل كلينتون» في قتل جيفري إبستين المتهم في قضايا ذات طبيعة جنسية، بالإضافة إلى الانخراط الدائم في أفكار جامحة تتعلق بباراك أوباما الرئيس الأمريكي السابق.



طابور التغريدات المزعجة التي نشرها ترامب طويل للغاية، وربما يكون أسوأها وفقاً لصحيفة واشنطن بوست هي التغريدة التي نشرها أثناء مغادرة المركز الطبي العسكري بعد علاجه من فيروس «كورونا» وقال فيها: «لا تخافوا من كوفيد.. لا تدعوه يسيطر على حياتكم»، ولكن تغريدات السنوات الأربع لا يمكن مقارنتها بما فعله منذ إجراء الانتخابات، حيث لم يتوقف البتة عن التغريد بأنه نجح، أو أن الانتخابات قد تم تزويرها على نطاق واسع.



وخلال هذا التاريخ الطويل، لم يقم تويتر البتة، بحظر ترامب عن التغريد، وبدلاً من ذلك حسمت الشركة ترددها في التعامل مع هذا المحتوى، بإصدار لائحة تقنن الإعفاء من الخضوع لقواعد التغريد وتشمل هذه المظلة «قادة العالم والمرشحين والمسؤولين الحكوميين»، وبهذا المنطق فإن التغريدات التي تعتبر تحريضاً على العنف وتندرج تحت بند خطاب الكراهية والتي بمقدورها أن تتسبب في إيقاف حسابات المستخدمين العاديين يعتبرها تويتر مقبولة من ترامب وغيره من السياسيين.



لكن بدأ تويتر أخيراً بإخضاع تغريدات الرئيس الأمريكي للمراجعة، مثلما يفعل مع المعلومات المضللة، وكانت البداية عندما نشر معلومات غير حقيقية حول فيروس كورونا وقامت الشركة بوضع ملصقات تحذيرية على تغريداته، ولكن هذه المراجعة للمحتوى تزايدت بنسبة ملحوظة مع غالبية تغريدات ترامب بعد الانتخابات والتي تحدث فيها كثيراً عن نتائج الانتخابات.



من المتوقع أن يفقد ترامب حصانة الإعفاء من قواعد تويتر بمجرد أن يغادر منصبه في 20 يناير المقبل، وهو ما يعني أن تغريداته ستكون عرضة للحذف، وأن الحساب سيكون عرضة للإيقاف المؤقت أو الدائم إذا انتهك قواعد النشر مثل أي مستخدم عادي، ولكن الشركة تواجه مأزقاً آخر، وهو أن أي إجراء ضد ترامب بعد مغادرة المنصب سوف يتم تفسيره من قبل أنصاره على أنه عمل سياسي عدواني، الأمر الذي يمكن أن يتسبب في حملة مقاطعة، أو دفع هذا التيار اليميني إلى المزيد من الانعزال في مناطق أخرى من الإنترنت، وفى الوقت نفسه فإن السماح له بالاستمرار في نشر المعلومات المضللة، سيكون نوعاً من الازدواجية التي تؤثر في صورة الشركة.



ولمحاولة معرفة ما سيفعله تويتر مع ترامب في المستقبل، يمكن النظر إلى الحالات المثيلة السابقة، خاصة أن المنصة الاجتماعية كانت مترددة وغامضة كثيراً بشأن قرارات حظر المشاهير، ربما تحت وطأة ادعاءات مروجي أفكار اليمين المتطرف بأن المنصات الاجتماعية تفرض «رقابة» على المحتوى المنشور من خلالها، هذا التردد ظهر بوضوح في حالة «أليكس جونز» داعية نظرية المؤامرة الشهير، والذي رفضت الشركة طويلاً اتخاذ إجراء بشأنه قبل أن تصل في النهاية إلى حظر الحساب بسبب «السلوك المؤذي» دون مزيد من التوضيحات.



ولكن رغم الكثير من «الخطاب المزعج» الذي ينشره ترامب، يعتقد الخبراء أنه لا يمكن حظره بسبب هذا الأمر، وأن الاحتمال الوحيد لحظر الحساب سيكون بسبب وقوعه في ترويج خطاب يحرض على العنف، ويقول بريان أوت أستاذ الاتصالات في جامعة ميسوري الأمريكية، إن ترامب «أظهر الاستعداد مراراً وتكراراً لإضفاء الشرعية على العنف السياسي والتحريض عليه»، وتوقع الخبير أن هذا السلوك سيستمر حتى لو فقد ترامب حصانته الرئاسية، وبالتالي سيتم حظره من منصته المفضلة، آجلاً أو عاجلاً. ولكن المشكلة أن المنصة الاجتماعية لم تقم البتة بحظر مستخدم له شعبية أو حضور أو جمهور من المتابعين مثل ترامب.



المثير للتأمل، أن خسارة ترامب الانتخابات الأخيرة لم تؤثر مطلقاً في نجوميته على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث اكتسب 1.5 مليون متابع إضافي منذ آخر أيام الانتخاب، كما أنه كان صاحب تأثير هائل في الترويج للمعلومات الخاطئة أو المضللة، فقد وجدت دراسة حديثة أن ترامب و20 من مؤيديه البارزين كانوا مصدر ما لا يقل عن 20% من إعادة تغريدات المعلومات المضللة عن الانتخابات، بينما وجدت دراسة أخرى أن ترامب نفسه كان «المحرك الأكبر» للمعلومات المضللة حول فيروس كورونا.



ولكن ما الذي ستفعله «تويتر» و«فيسبوك» فعلاً مع حساباته الاجتماعية الخاصة بعد مغادرة المنصب؟، جاك دورسي الرئيس التنفيذي لشركة تويتر أعلن بوضوح خلال جلسة استماع للكونغرس، الشهر الماضي، أن الشركة لن تقدم أي استثناءات في سياستها للنشر مع ترامب بعد تركه المنصب الرسمي، وأن الحماية التي تسمح له بنشر محتوى ينتهك قواعد النشر لن تستمر. وقال دورسي: «إذا فقد صاحب الحساب الشخصي موقعه الرسمي، فإن سياسة الحماية الخاصة تذهب هي الأخرى».



إلا أن مارك زوكربيرغ الرئيس التنفيذي لشركة «فيسبوك» يتعامل بمنطق مختلف، حيث قال في جلسة الاستماع الخاصة به، إن فيسبوك لن تغير الطريقة التي تتعامل بها مع منشورات ترامب بعد أن يغادر منصبه، لأن سياسة الشركة العامة هي عدم التدخل في المحتوى المنشور من الشخصيات السياسية، ولكن الحقيقة أنه منذ يوم الانتخابات الأمريكية قامت فيسبوك بوضع علامات تحذيرية على بعض منشورات ترامب، مع توجيه المستخدمين إلى مصادر لمعلومات دقيقة حول نتائج الانتخابات. وقال متحدث باسم الشركة إنهم لا يدققون المعلومات التي ينشرها زعماء العالم، ولكن من الوارد أن يبدأ التحقق في المعلومات التي ينشرها ترامب بعد مغادرته المنصب الرسمي.