الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

سباق المنصات على «صانع المحتوى»

سباق المنصات على «صانع المحتوى»

استطاع تطبيق «كلوب هاوس»، الذي تمكن في زمن قياسي لم يتجاوز عدة أشهر، تحقيق نجاح هائل واجتذاب الملايين من المستخدمين الجدد، والذي أسهم في ارتفاع قيمته السوقية بطريقة غير مسبوقة. هذا النجاح أثار شهية عمالقة التواصل الاجتماعي لإطلاق منصات مماثلة، حيث أطلقت تويتر خدمة «سبيسس»، بينما يتردد أن فيسبوك وإنستغرام على وشك دخول المعترك.



منصة «كلوب هاوس» تحركت بشكل سريع لتوفير وسيلة لمنتجي المحتوى عبر المنصة لتحقيق الأرباح المادية، وهو الأمر الذي كان من أبرز الانتقادات الموجهة لعمالقة التواصل الاجتماعي، وخلال الأسبوع الماضي أعلنت رسمياً عن إطلاق برنامج دعم منتجي المحتوى، وفى المرحلة الأولى من البرنامج ستقوم الشركة باختيار 20 شخصاً من بين المتقدمين، حيث ستوفر لهم الموارد والأدوات والدعم اللازم لاستضافة محادثات جيدة، وجذب المتابعين الجدد، ومن ثم تحقيق الدخل من خلال هذا المحتوى.

لم تضع المنصة أية شروط محددة للتقدم، وكل ما يحتاجه المستخدم هو امتلاك حساب على المنصة، الموعد النهائي لتلقى الطلبات هو 31 مارس الجاري، ولم تعلن الشركة أيضاً عن موعد الإعلان عن المؤثرين الذين ستقوم باختيارهم للانخراط في البرنامج.

هذه الخطوة المبكرة أثارت انتباه المراقبين خاصة أن المنصة نفسها لم تُفتح للاستخدام العام، حيث ينضم المستخدمون الجدد عن طريق دعوات تأتى من المستخدمين القدامى، بالإضافة إلى عمل التطبيق عبر أجهزة موبايل «آيفون» فقط، الأمر الذي يعنى أن القاعدة الجماهيرية لا تزال محدودة وبالتالي فإن مساحة عمل المؤثرين ستكون محدودة هي الأخرى.

ووفقاً لأحدث الأرقام، فإن عدد مستخدمي «كلوب هاوس» في الوقت الحالي يزيد قليلاً على 10 ملايين مستخدم، وعند المقارنة مع المنصات الأخرى، نجد أن فيسبوك يمتلك 2.9 مليار مستخدم، بينما يمتلك تيك توك 2 مليار مستخدم، أما توتير فلديه 200 مليون مستخدم.



ولكن المشكلة الحالية في هذا البرنامج تتعلق ببناء قاعدة الجمهور المستهدف، حيث إن التطبيق الصوتي لا يقوم بأرشفة المحادثات التي تتم، وبالتالي فإن المتابعين المحتملين لا يمتلكون في الغالب أي فكرة عن نوعية المحادثات التي يقوم المؤثر بإجرائها مع الأشخاص إلا إذا كان يستمع إليها مباشرة.

فكرة تقديم الحوافز لجذب المؤثرين ومنتجي المحتوى كانت هي حجر الأساس وراء نجاح تطبيق «تيك توك»، الذي أطلق مبكراً برنامج «دعم منتج المحتوى»، ويشترط للانضمام إلى البرنامج أن يكون لدى المستخدم 10 آلاف متابع ومشاهدة قبل 30 يوماً من التقدم للالتحاق، ويحصل المؤثر على مبلغ يراوح بين 2-4 سنتات لكل 1000 مشاهدة. ولكن غالبية الأرباح تأتى من التعاقد مع العلامات التجارية الشهيرة، ووفقاً لموقع «تيوب فلتر» المتخصص فإن منتجي محتوى تيك توك الذين يمتلكون عدداً مناسباً من المتابعين والمشاهدات، يحصلون على صفقات مع العلامات التجارية تراوح قيمتها بين 20 و200 ألف دولار وفقاً لمصادر الصناعة.

أما منصة «فيسبوك» التي طالما واجهت الانتقادات بعدم مشاركة العوائد بنسبة جيدة مع منتجي المحتوى فقد بدأت في تغيير سياستها في هذا المجال، حيث أعلنت المنصة مؤخراً أنها ستتيح للمستخدم تحقيق الأموال من مقاطع الفيديو التي يستغرق عرضها دقيقة على الأقل، وكذلك التغطيات المباشرة «لايف ستريم»، بالإضافة إلى فتح الفرص الإعلانية أمام قطاعات أوسع من المستخدمين. ويبدو واضحاً أن الهدف هو منافسة تيك توك في مساحة المقاطع القصيرة، الأمر الذي أكده «يواف أرنيشتين» مدير تحقيق الأرباح من التطبيقات بالشركة عندما قال: «إن الشركة تتطلع إلى زيادة دعم المبدعين الذي ينتجون مقاطع فيديو قصيرة وينقلون أحداثاً مباشرة».

ووفقاً لمواقع متخصصة، فإن الحملات الإعلانية على فيسبوك تولد في المتوسط 8.75 دولار لكل 1000 مشاهدة، إلا أن الخبراء ينتقدون سياسة المنصة في هذا المجال والتي تراوح فيها مستويات تحقيق الأرباح دون منطق واضح، حيث حصل بعض المستخدمين خلال 2020 على ملايين الدولارات من الموقع، في الوقت الذي لم يحقق فيه مستخدمون حققوا ملايين المشاهدات أي مبالغ تقريباً.

قبل التعديلات الأخيرة، كان برنامج تحقيق العائد في فيسبوك يشترط نشر مقاطع فيديو مدتها 3 دقائق على الأقل، أما الإعلانات فكانت تظهر مع مقاطع البث الحي فقط، ولكن التعديل الأخير من شأنه أن يزيد قاعدة استفادة منتجي المحتوى من المنصة.

وللاستفادة من البرنامج، يجب أن تمتلك صفحة المستخدم ما لا يقل عن 10 آلاف متابع، و600 ألف دقيقة إجمالية من المشاهدات خلال الشهرين الماضيين، بالإضافة إلى وجود 5 مقاطع فيديو محملة أو من البث الحي، ويمكن للمستخدم التعرف على مدى أهليته للانخراط في البرنامج من خلال زيارة صفحة «استوديو منشئ المحتوى» على فيسبوك.

وضمن التعديلات الجديدة، سوف يتمكن صناع المحتوى من الحصول على الدعم المباشر من المعجبين، من خلال برنامج «ستارز» والذي يمكن الانضمام إليه بدعوات فقط، وهو البرنامج الذي يسمح للمشاهدين بإرسال الهدايا لصانع المحتوى، بينما قالت الشركة إنها تقوم حالياً باختبار خاصية إعلانات الملصقات داخل ميزة «القصص» الخاصة بها والتي ستسمح للمبدعين بتحقيق المزيد من الدخل.

وبالإضافة إلى ذلك، يعمل التطبيق على تطوير خاصية تنظيم الأحداث عبر الإنترنت، وهي ميزة مدفوعة، وتم إطلاقها في أغسطس الماضي، ولكن المنصة أعلنت أنها لن تقوم بتحصيل أي نسبة من إيرادات هذه المنصة حتى أغسطس 2021 على الأقل لمساعدة المستخدمين على تحقيق أكبر قدر من الإيرادات في ظل أزمة كورونا.

في الوقت نفسه، لا تزال منصة تويتر تختبر عدداً من النماذج الجديدة التي سوف تسمح لمستخدميها بتحقيق بعض العوائد من المحتوى الذي يقدمونه، بما في ذلك خدمة «النيوزلتر» أو خدمة «المتابع المميز» والتي لم تحدد موعداً لإطلاقها، ولكن هذه الخطوات تعنى الدخول لعصر جديد تكون المنافسة فيه بين المنصات الاجتماعية على منتج المحتوى المميز.