الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

هل حان أوان «المتصفح الخاص»؟

استخدام متصفحات الإنترنت يتم غالباً بحكم العادة، أو تبعاً لنوع نظام التشغيل، فعلى سبيل المثال يستخدم معظم المتعاملين مع نظام ويندوز متصفح «إيدج» وقبله إكسبلورر، بينما يتجه غالبية أصحاب أجهزة أبل إلى متصفح سفاري، في الوقت الذي يتجه فيه أغلب مستخدمي أنظمة أندرويد للهاتف المحمول إلى استخدام متصفح «كروم». بعبارة أخرى، يتجه المستخدم عموماً إلى المتصفحات المتاحة والمألوفة وسهلة الاستخدام، وفي الغالب يسقط المستخدم في فخ الاستسهال.

ولكن، إذا كنت من المستخدمين الذين يحاولون الحفاظ على خصوصيتهم، وبياناتهم الشخصية من العبث، فربما يكون الخيار الأفضل هو الانتقال لأنواع جديدة من متصفحات الإنترنت، والتي يطلق عليها عبارة «المتصفح الخاص»، وهي نوعية ظهرت منذ سنوات قليلة على يد شركات أقل شهرة، وأهم مميزاتها أنها تقلل إلى حد كبير البيانات التي يتم جمعها عن المستخدم خلال تصفح الإنترنت.


وبشكل عام، فإن أداء هذه المتصفحات غير المشهورة أفضل من غالبية المتصفحات السائدة، وبخاصة «كروم»، وبينما تتضمن بعض المتصفحات مثل فاير فوكس وسفاري خصائص منع التتبع فقد ركزت العلامات التجارية الأصغر على المزيد من عناصر حماية الخصوصية.



في الوقت الحالي، وصل العالم إلى منعطف حاسم فيما يتعلق بالخصوصية الرقمية، مع العمل على إجبار صناعة الإعلانات عبر الإنترنت بالتوقف عن استخدام ملفات تعريف الارتباط «الكوكيز»، وهي أجزاء من التعليمات البرمجية المزروعة في المتصفحات وتتابع نشاط المستخدم من موقع إلى موقع وتسهم في تسهيل استهدافه بالإعلانات، وتعمل غوغل صاحبة متصفح كروم حالياً على تطوير طريقة جديدة لاستهداف المستخدم بالإعلانات دون استخدام ملفات «الكوكيز».


ومع مرحلة التعديلات الجذرية لقواعد لعبة التتبع، ربما تكون فرصة مناسبة أمام المستخدم لاتخاذ قراره برفض عمليات التتبع. وتقول جيني جيبهارت، خبيرة قضايا الخصوصية في تصريحات لجريدة نيويورك تايمز: «نحن الآن عند مفترق طرق، والشركات التي تفتح الطريق أمام المعلنين لتعقب المستخدمين تسعى بحماس بالغ لتقرير الخطوة المقبلة، ولكن في هذا الوقت من الضروري أن يعرف المستخدم تفاصيل ما يحدث وأن يتخذ قراره لحماية خصوصيته».

وعلى عكس متصفحات الويب السائدة، فإن المتصفحات الخاصة تأتي بأشكال عديدة تخدم مختلف الأغراض، وتعتبر أبرز مميزات تلك المتصفحات إمكانية استخدام ما يسمى بـ«الوضع الخاص»، وهنا لا يتم تسجيل أي تاريخ للمواقع التي يقوم المستخدم بزيارتها، وهو خيار مفيد إذا كان المستخدم لا يرغب في أن يتطفل عليه أي شخص له وصول مادي للجهاز.

بالإضافة إلى ذلك تستخدم المتصفحات الخاصة أدوات حظر التتبع، والتي يمكن تنزيلها في الغالب كإضافة للمتصفح، وتعتمد هذه الأدوات على قائمة مجهزة سلفاً بأدوات التتبع المعروفة التي تحصل على معلومات خاصة بالمستخدم، وعند استخدامها، فإن المتصفح يحلل موقع الويب الذي يقوم المستخدم بزيارته ويمنعه من متابعة انتقاله إلى مواقع أخرى، ولكن الجانب السلبي في استخدام مثل هذه الأدوات أنها في أحيان توقف عمل بعض أجزاء الموقع، مثل عربات التسوق أو مقاطع الفيديو.

وعادة ما تقوم المتصفحات الحديثة التي تركز على الخصوصية بتشغيل الوضع الخاص بطريقة افتراضية، كما تقوم بمسح سجلات التصفح بشكل آلي عند إغلاق البرنامج أو انتهاء جلسة التصفح. كما تمتلك تلك المتصفحات خصائص منع ملفات «الكوكيز» -أشهر أدوات التتبع- من العمل مع تقليل إمكانيات تعطل موقع الويب الذي تتصفحه جراء هذه الإجراءات.

وتعتبر أشهر المتصفحات الخاصة حالياً هي DuckDuckGo و Brave و Firefox Focus، وبشكل عام فهي تعتبر متشابهة في الأداء والإمكانيات، ولكن مع بعض الفوارق الجوهرية.

على سبيل المثال، فإن متصفح Firefox Focus يتوافر فقط للعمل على أجهزة الهواتف المحمولة من مختلف الأنظمة، ويؤدي المهام الأساسية التي تكفل خصوصية البيانات، فعندما ينتهي المستخدم من جلسة التصفح يقوم بالضغط على أيقونة سلة المهملات لمسح المعلومات المتعلقة بتلك الجلسة، بينما يؤدي إغلاق التطبيق إلى مسح سجل الجلسة، وعند تحميل أحد مواقع الويب يستعين المتصفح بقاعدة بيانات أدوات التتبع لتحديد ما الذي سيتم حظره.

أيضاً، يعتبر متصفح DuckDuckGo متاحاً فقط لأجهزة الهواتف المحمولة، وهو شبيه بالمتصفحات التقليدية في العديد من الخصائص، بما يعني إمكانية حفظ عناوين مواقع الويب المفضلة Bookmark أو فتح العديد من علامات تبويب التصفح المختلفة في وقت واحد. ولكن الميزة الأهم هي استخدام المتصفح محرك البحث الخاص بنفس الشركة والتي تقول إنه يركز بشكل كبير على خصوصية المستخدم، كما يمنع المتصفح أيضاً تحميل أدوات التتبع الخاصة بالإعلانات، مع إمكانية مسح سجل جلسة التصفح بعد انتهائه.

أما متصفح Brave فهو الأكثر اقتراباً من المستخدم العادي، حيث يشبه كثيراً متصفح الويب التقليدي مع تقنية مكافحة التتبع، ومميزات مثل علامات التبويب وإمكانية حفظ عناوين المواقع، كما يتضمن وضعاً خاصاً يجب تفعيله في حال عدم الرغبة في أن يفحص أي شخص آخر سجل الويب الخاص، كما أنه يتخذ إجراءات صارمة للغاية في منع أدوات التتبع حيث يقوم بحظر الإعلانات تماماً، مقارنة بالمتصفحات الأخرى التي تمنع الإعلانات بنسبة كبيرة لكنها لا تتخلص منها.

ورغم الاختلافات الطفيفة بين كل هذه المتصفحات، إلا أنها جميعاً تتفق مع تفعيل خصائص حماية الخصوصية ومنح المستخدم بيئة أقل إزعاجاً لتصفح الإنترنت، وربما تكون هي مستقبل التصفح في الفترة المقبلة.