الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

عصر جديد لـ«المؤتمرات الافتراضية»

عندما انتشر وباء كورونا منذ أكثر من عام، وأجبر العالم على البقاء في المنازل، اكتشف الكثيرون أن العمل واللقاء عن بُعد أمر ممكن، وهو ما تسبب في الصعود السريع لتطبيقات المؤتمرات الافتراضية، ودخول العديد من الشركات الكبرى في إنتاج مثل هذه التطبيقات، وبعد الطفرة السريعة، يشهد العالم حالياً ظهور ما يمكن أن نسميه الجيل الثاني، حيث تعمل بعض الشركات على تطوير تلك التطبيقات لتقترب أكثر من العالم الحقيقي.

تقدم التطبيقات الجديدة أساليب مختلفة تعتمد بالأساس على دمج تقنيات المكان مع الرسوم ثلاثية الأبعاد والتفاعل المباشر، حيث يمكن للمستخدمين التفاعل مع بعضهم البعض عبر خرائط افتراضية، وهو ما يؤدى إلى قضاء ساعات سعيدة من استخدام التطبيق سواء في الأعمال المحترفة أو حتى للقاء الأصدقاء افتراضياً، ومن أمثلة هذه التطبيقات «غاذر تاون»، «كومو سبيس» و«بلوتو»، بينما تركز شركات أخرى مثل «رن ذا ورلد» و«هوبين» اللذين ظهرتا قبل انتشار الوباء على المؤتمرات المهنية والأكاديمية.

صدمة ظهور الوباء، كان لها جانب إيجابي، وهو إدراك العالم أن العمل عن بُعد أمر ممكن، وهو عكس ما كان يظنه غالبية التنفيذيين، حيث كانوا يعتقدون أنه من الصعب على الفرق الموزعة جغرافياً أن تعمل بشكل منتج، ولكن الشهور التي قضاها الموظفون في المنزل أثبتت أن الأمر قابل للتحقق. ومع ذلك، بدا واضحاً أن برامج الاتصال الافتراضية مثل «زووم» و«سلاك» لا يمكنها أن تكون البديل الكامل لتجربة العمل المباشر.

التواجد في المكتب قبل الجائحة، كان يسمح بتبادل الحديث الشخصي، وإجراء محادثات على مدار اليوم، ولكن في عصر الوباء أصبح الانتقال من محادثة إلى أخرى يتم بمجرد نقرة زر، مع تقليل فرص الترابط إلى حدها الأدنى.

هذه القيود، دفعت العديد من الشركات في «وادي السيليكون» للعمل على تقديم العديد من الأفكار الجديدة لتحسين الوضع، ومنها شركة «هوبين» التي تأسست عام 2019، واكتسبت زخماً كبيراً مع انتقال آلاف المؤتمرات الأكاديمية والمهنية إلى الإنترنت. وعلى عكس تطبيق زووم، فإن «هوبين» يتطلب بعض الإعداد قبل الاستخدام، حيث يتعين على العميل أن يأخذ الكثير من القرارات التحضيرية بدءاً من مخططات الألوان المستخدمة، والشعارات، وانتهاء بالرعاة والجداول الزمنية. وقال مؤسس هوبين، جونى بوفارات، في تصريحات لمجلة ويرد: «يمكن تشبيه الحل الذي نقدمه بعملية استئجار مبنى كبير لاستضافة حدث ما، من المحتمل أن يحتوي هذا المبنى على غرفة اجتماعات، مثل زووم، ولكن في باقي أرجاء المبنى هناك غرف تصلح لتنظيم الحدث الذى تريده سواء كان ليلة توظيف أو مؤتمر أو لقاء».

وبينما يركز تطبيق «هوبين» على الكفاءة، فهناك شركات أخرى تعمل بنشاط أكبر على إعادة إنشاء مناخ يشبه جو العمل التقليدي، حيث تأتي تطبيقات المكاتب الافتراضية التي تقدمها «تيم فلو» و«برانش» بمكاتب شخصية، ومناطق مشتركة، وغرف اجتماعات خاصة. وفي تطبيق «تيم فلو» يظهر الفيديو الخاص بك على شكل فقاعة تتحرك على المكتب الافتراضي، ويمكن التنقل بها إلى جميع أنحاء المكان، وذلك عن طريق الكتابة على لوحة المفاتيح.

معظم التطورات التي تحدث حالياً في عالم تطبيقات الاجتماعات الافتراضية تأتي استلهاماً من عالم ألعاب الفيديو. فمثلاً كان يقضي الرئيس التنفيذي لشركة «كومو سبيس»، يانغ مو، ساعات طويلة في ممارسة ألعاب الفيديو دون توقف، الأمر الذي نتج عنه ظهور التطبيق الخاص به والذي تأثر بشكل واضح بألعاب تقمص الأدوار. ووصف مو ما يحدث بالقول: «الأمر أشبه بالذهاب إلى المركز التجاري والتجول مع الأصدقاء».

يتم تنظيم الأحداث التي يستضيفها «كومو سبيس» في غرفة معيشة افتراضية، وبمجرد الدخول يمكن التفاعل مع العناصر الموجودة في المحيط حولك، كما يحدث في ألعاب الفيديو، فعندما تجلس على البيانو مثلاً، يمكن أن تبدأ العزف، وهكذا. ويرى مصممو التطبيق أن ألعاب الفيديو تمنح المشاركين هدفاً يركزون طاقتهم حوله، وهو الأمر الذي يخططون لفعله لتزويد المستخدمين بعدد من الألعاب في البيئة الافتراضية المحيطة، وقال مو: «لدينا بالفعل غرف للراحة داخل التطبيق، وهي سلسلة من 10 غرف مختلفة بكل منها لغز معين، ويجب أن تعمل مع فريقك لحل اللغز قبل الانتقال للغرفة التالية».

ومع استمرار الوباء، وتوسيع الشركات خيارات العمل من المنزل، يراهن المستثمرون على أن الشركات الناشئة التي تعمل في إنتاج تطبيقات الاجتماعات الافتراضية سوف تزدهر في الفترة المقبلة. وأضاف إيلاد جيل، صاحب تطبيق «بلوتو» الذي يعمل كمنصة اجتماعات افتراضية في بيئة ثلاثية الأبعاد تسمح بإنشاء العديد من الأماكن المختلفة لعقد اللقاءات من المالديف إلى النمسا: «في الفترة المقبلة نتوقع أن يتم المزج بين المكاتب الواقعية والمكاتب الافتراضية لأداء الأعمال، وحتى المؤتمرات من الوارد جداً أن توسع مجال المشاركة بدعوة العديد من الأشخاص في البيئة الافتراضية».

وتدرك الشركات الناشئة العاملة في هذا المجال أن التفاعلات الإنسانية البشرية لا يمكن استنساخها بشكل كامل، إلا أنه يمكن الاقتراب منها ومحاولة منح اللقاءات الافتراضية لمحة إنسانية، كما أن هناك العديد من المزايا الأخرى، منها القدرة السهلة على تبادل معلومات الاتصال، وحفظ المعلومات والأسماء، بالإضافة إلى القدرة على التسجيل، ثم تحليل الاجتماعات باستخدام برمجيات تعلم الآلة، وتحسين حفظ السجلات الداخلية، وغيرها من المميزات.