الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

الغرف الصوتية.. دردشة خارج السيطرة

للاطلاع على الانفوغراف بالدقة العالية اضغط هنا

أسئلة كثيرة تتناثر حول الصعود السريع لغرف الدردشات الصوتية، ومنها كلوب هاوس، إذ تمكنت في أشهر قليلة من استقطاب جمهور واسع، وانتقل التفاعل داخل غرف الدردشة، من العالم الفضائي، إلى العالم الواقعي، ما دفع حكومات إلى التشويش عليه، أو الاتجاه إلى حظره تماما. تعددت مزايا التطبيقات الجديدة بالنسبة لـ"مدمنيه"، فيما يعرب منتقديه عن مخاوفهم أبرزها إمكانية استخدام مزاياه التقنية لتسهيل نشر خطاب الكراهية، والتطرف وصعوبة السيطرة عليها، إضافة إلى المخاوف من الاختراق وتسريب البيانات



تحذيرات وعوائق

حذر الخبير الرقمي شغالي جعفر من أن الاستخدام السيء لخاصية الدردشة الصوتية يمكن أن يزيد انتشار خطاب الكراهية، مشيراً إلى أنها تتيح الحرية للشخص في قول ما يريد، ويصعب التتبع الآني للمحادثات الصوتية، إذ تصبح خوارزميات تصنيف المحتوى غير فعالة في ابعاد المحتوى الضار في هذه الحالة".

ويضيف أن هذه المنصات بحاجة للتحسين المستمر لخوارزميات التصفية من أجل تقليل المحتوى المزيف والضار، خصوصاً في ظل انتشار وتزايد قدرات تقنيات تعمية الصوت وتحريفه من المصدر.

ويضيف أن بعض هذه المنصات تنشيء ملفات تعريف الظل للأشخاص الذين لم يستخدموا التطبيق من قبل ولكنهم موجودون في جهات اتصال لدى المستخدمين حالياً، إضافة إلى ذلك، يسجل النادي المحادثات في غرف خاصة، وهي الممارسة التي دفعت اتحاد منظمات المستهلكين الألماني، أكبر منظمة من نوعها في ألمانيا، إلى دعوة شركة "ألفا إكسبلوريشن" المشغلة لكلوب هاوس إلى التوقف عن «الممارسات التجارية غير القانونية وانتهاك حماية البيانات».



استثمار أكثر

ويؤكد الخبير جعفر أن منصة كلوب هاوس تحتاج للاستثمار أكثر في مجال بنيتها التحتية من أجل استيعاب المستخدمين الجدد الذي سيأتون مع نسخة الاندرويد، قيد التطوير حالياً، كما يجب عليها الاعتماد أكثر على الذات إذ إن التطبيق يعتمد الآن على منصة agora.ai وهي شركة ناشئة في مجال تكنولوجيا الصوت من شنجهاي بالصين.

وحول العمر الافتراضي لذروة الاقبال على التطبيق، يرى جعفر أن "الجمهور في الغالب يحب التحدي وتجربة الجديد دائما، لذا فإنه ومن أجل الحفاظ على عمر التطبيق ستجد المنصة العالمية نفسها مجبرة على مواكبة التحديات التقنية خصوصاً تلك المتعلقة بحماية البيانات والاختراق".

ولفت إلى أن المنصة تواجه تحدياً تقنياً كبيراً من حيث الضغط على البنية التحتية والحاجة الدائمة لخوارزميات ضغط المحتوى من أجل أن يظل التطبيق في السعة المسموح بها.

ومن ناحية تقنية، يستبعد المهندس إمكانية إزاحة خاصية الحوار الصوتي فقط لبقية تطبيقات المراسلة الكتابية من الواجهة، مشيراً إلى أن «كلوب هاوس» قد يلجأ لخطوة أخرى وهي تمكين الدردشة بالصوت والصورة والكتابة "من أجل أن يحافظ على الصدارة".

وبدورها، تضيف خبيرة «السوشيال ميديا» المغربية أسماء زينون أن مخاطر الاستغلال السيء لهذا النوع من التقنيات تشمل نشر خطاب التطرف والإرهاب، وغسل أدمغة الأطفال والمراهقين.

حوارات الظل

إحساس زائف بالحرية



انتقادات كبيرة وجهت للموضوعات التي يتم مناقشتها في غرف الدردشة، إذ تمثلت هذه الانتقادت في كون المحتوى غير مناسبة للأطفال ولمن يقل عمره عن 18 عاماً، حيث لا يوجد حالياً آلية للتحقق من العمر، لذلك يمكن لأي شخص أقل من 18 عاماً الانضمام على أساس ما إذا قام شخص ما يعرفه بالفعل بدعوته إلى التطبيق، وتغطي الموضوعات الموجودة في كلوب هاوس مجموعة واسعة من الموضوعات الرئيسية والهامشية. لذلك، إذا قام مستخدم قاصر بملء معلومات ملفه الشخصي واهتماماته، فسيحصل تلقائياً على دعوات إلى العديد من المناقشات اليومية، والتي قد تكون مناسبة للعمر وقد لا تكون، ويمكنهم أيضاً استكشاف أي نوع من المجموعات والانضمام إليها، وأن مناقشات كلوب هاوس غير خاضعة للرقابة، لذلك، من الممكن أن تحدث مناقشة ساخنة أو تعليقات متحيزة أو تنمر.

ومن ضمن هذه الانتقادات أيضاً، أن استقطب كلوب هاوس المشاهير والمؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي إلى قاعاته التي تستضيف المناقشات، يعد إغراء كبيرا للأطفال الذين يرغبون في سماع محادثات واقعية والاقتراب قليلاً من المشاهير المفضلين لديهم، ما يعنى أن المحتوى قد يكون غير متوقع في هذه الغرف ويحتمل أن يكون محفوفاً بالمخاطر للمستخدمين دون السن القانونية.

لا يمكن قفل الحسابات

هناك فجوة خصوصية أيضا أخرى في كلوب هاوس وهي أنه لا يمكن تعيين الحسابات على «خاصة» وستظل الغرف / المحادثات مفتوحة بشكل افتراضي ما لم يجعلها المضيف خاصة، ما يعني أنه يمكن لأي شخص تسجيل الدخول. كما تلقى تلقى التطبيق رد فعل عنيف مؤخراً على حقيقة أنه لا يمكن الإشراف على جميع الغرف بشكل مناسب، بالإضافة إلى إثارة مخاوف بشأن التطبيق بسبب افتقاره إلى بروتوكولات الأمان لمراقبة إساءة الاستخدام مثل الكلام الذي يحض على الكراهية.

إذا كنت تتجول في مركز تجاري مزدحم، فقد تسمع عشرات الروايات المختلفة حول حدث إخباري أو شخص أو موضوع. وينطبق الشيء نفسه على كلوب هاوس حيث التعليق مفتوح. لذلك، من المحتمل أن تكون المعلومات خاطئة (كما هو شائع في أي تطبيق آخر).

لا يمكن الاعتماد على خبرة أي شخص ما لم يتم التحقق من صحتها، أو مؤهلاته، أو إثبات نفسه، أو معرفته في الحياة الواقعية... يوجد الكثير من الأفكار التي يتم ذكرها دون أي وسيلة للتحقق من الأفكار أو المفاهيم المذكورة. لذلك يجب تشجيع المستخدمين على الالتزام بمشاركة الخبرات فقط، وعدم تقديم النصائح أو المعلومات التي لا يستطيعون هم أنفسهم الحصول عليها أو إثباتها.

الثغرات

اختراق أم تسريبات مع سبق الإصرار؟

واجه تطبيق كلوب هاوس تراجعاً حاداً في عدد مستخدميه خلال الأسابيع الأخيرة، حيث تراجع معدل تنزيلات التطبيق من 9.6 مليون فبراير إلى أقل من 2 مليون نهاية أبريل الماضي، بينما هبط من المرتبة الخامسة إلى الـ23 في قائمة الأكثر شعبية. السؤال الذي يفرض نفسه، لماذا واجه التطبيق «سقوطاً كبيراً» رغم الانطلاقة القوية له، والتوقعات التي تنبأت بمزاحمته عرش عمالقة السوشيال ميديا. كثيرون يرون أن العودة للحياة الطبيعية بصورة تدريجية بعد تخفيف تدابير كورونا، وراء ذلك، بينما يرى أخرون أن دخول تويتر، وفيسبوك مجال الغرف الصوتية سبب أخر، غير أن العامل الرئيسي وراء التراجع الحاد، يرتبط بالتسريبات المتكررة لبيانات المشتركين، إذ يعد ذلك العنصر الأبرز في تراجع شعبية التطبيق، لاسيما وأن هناك اتهامات وجهت للقائمين عليه بضلوعهم في عمليات التسريب.

قبل نحو أسابيع، أفادت تقارير نشرتها مواقع تقنية ومنها «سايبر نيوز» بوقوع تسريب بيانات شخصية لما لا يقل عن 1.3 مليون من مستخدمي التطبيق في منتدى شهير للقراصنة الإلكترونيين على الإنترنت. تزامنت هذه التقارير مع تحذيرات من قبل مختصين في مجال أمن المعلومات، من أن النظام الأساسي للتطبيق لا يحمي المستخدمين، ودللوا على ذلك باعتراف التطبيق نفسه من قبل بقيام مشاركين بتسريب المحادثات الصوتية للمشاركين. ونقلت «بي بي سي»، عن الباحث الأسترالي في مجال أمن المعلومات روبرت بوتر، إن تسريب البيانات يعد أمراً مختلفاً كليا عن خرق البيانات، حيث تكون خروقات البيانات متعمدة وعادة ما يقوم بها شخص ما، ويخترق النظام لسرقة البيانات، في المقابل فإن تسريب البيانات حادث يتم بموجبه إطلاق معلومات سرية في بيئة غير مصرح لها بالوصول إلى المعلومات.

ووفقاً لـ «روبرت»، فإن الحادث وقع لأن المستخدم أدرك أنه من الممكن التواجد في غرف دردشة متعددة في وقت واحد، وذلك عن طريق توصيل المستخدم واجهة برمجة التطبيقات «API» لبرنامج كلوب هاوس بموقعه على الويب، ومشاركة تسجيل الدخول الخاص به عن بُعد مع أي شخص على الإنترنت يريد الاستماع إلى الدردشات الصوتية من التطبيق. يعزز هذا التوجه، ما ذكره مرصد ستانفورد للإنترنت، قبل نحو شهرين أن معرفات المستخدم، وغرف الدردشة تُرسل إلى الخوادم بنص عادي.

«منابر افتراضية».. توظيف لنشر التطرف

حذر خبراء من تزايد استغلال جماعات التطرف الديني لتطبيقات الدردشة الصوتية خصوصاً "كلوب هاوس" لنشر الخطاب المتشدد والترويج لأفكار العنف وزعزعة الاستقرار المجتمعي.

وفي مقال بعنوان "عودة غير مرحبة: الإخوان المسلمين والتوظيف السلبي لتطبيق كلوب هاوس"، أوضح المتخصص في العلاقات الدولية محمد خلفان الصوافي أن "لجوء أفراد جماعة الإخوان الإرهابية إلى الاستخدام الواسع لتطبيق "كلوب هاوس، الذي يتيح لمستخدميه مشاركة أفكارهم صوتياً وربط علاقات ضمن مجموعات للدردشة الصوتية حول العالم، يطرحُ قضية التوظيف السلبي لمنصات التواصل الاجتماعي من قبل التنظيمات المتطرفة، كما يعيد إلى الأذهان ما تسبب فيه الاستغلال السيئ لهذه المنابر الافتراضية (وخاصة تويتر وفيسبوك) من فوضى أمنية ودمار للمجتمعات العربية خلال ما كان يعرف بـ "الربيع العربي"، والتي ما تزال آثارها مستمرة حتى اليوم في بعض الدول العربية مثل ليبيا وسوريا".

ولفت الصوافي في المقال المنشور في موقع مركز "تريندز للبحوث والاستشارات" إلى أن "التطورات المتسارعة التي تشهدها هذه التطبيقات تجعلها تظهر وتنتشر بسرعة ثم تتراجع ويتضاءل تأثيرها لصالح منصات أحدث، وهو ما يجعل الجماعات المتطرفة في حالة من التنقل الدائم بين هذه المنصات للاستفادة من الميزات التي تتيحها كل منها لتحقيق أهدافها وأجندتها، ومن ثم فإن الأمر لا يقتصر فقط على "كلوب هاوس"، وإنما يتعلق بالثورة المتجددة في عالم تطبيقات التواصل والمحادثة وغيرها وكيفية توظيفها من قبل جماعات التطرف".

وأكد أن "عناصر جماعة الإخوان سريعا تطبيق "كلوب هاوس" الصوتي الجديد، وتواجدوا بكثافة في غرف الدردشة الخاصة به، وبدأوا في عقد اجتماعاتهم عبره".

وأضاف محمد خلفان الصوافي "هنا تأتي أهمية التحرك الجاد والمنسق دولياً لمنع هذه الجماعات المتطرفة من اختراق تطبيقات التواصل الاجتماعي، والضغط على شركات تقنيات المعلومات الكبرى المسؤولة عن هذه التطبيقات لوضع الآليات والتدابير الصارمة التي تحول دون استفادة هذه الجماعات من تطبيقاتها في ترويج خطابها المتطرف وأفكارها التي تحرض على العنف والإرهاب، والتصدي الفاعل لهذا الفكر الذي يستهدف زعزعة أمن الدول والمجتمعات".

تصفية المحتوى الضار

قال نائب رئيس قسم أبحاث الحماية الإلكترونية في شركة "أكرونيس" كانديد ويست إن تكنولوجيا التحليل الصوتي لفلترة المحتوى الضار موجودة بالفعل، ولكنها "ستكون متأخرة قليلاً لتكون قادرة على حجب المحتوى غير المرغوب فيه"، موضحاً أنه "في الوقت الحالي سيكون من الصعب تصفية أي محتوى صوتي ضار من دون منح المنصات الإذن لمراقبتها".

وحول مخاطر قرصنة تطبيقات الدردشة الصوتية، قال كانديد "شهد تطبيق كلوب هاوس شطب 1.3 مليون مستخدم من قاعدة البيانات والتسربيات على الانترنت عن طريق منتدى خاص بالقراصنة. وشملت المعلومات المسربة التعريفات الخاصة بالمستخدمين وأسماءهم وعناوين الصور وأسماء المستخدمين الذي يستخدمونها على جميع مواقع التواصل الاجتماعي، والإضافات التي تصل إلى ملفات تعريفهم الشخصية".

وأضاف أن "الخطوات البسيطة كاستخدام ميزة المصادقة متعددة العوامل ستساعد على حماية الملفات الشخصية، بإمكان مركز أمن المعلومات استخدام التهديدات في استراتيجيتهم الأمنية لتزودهم بالمعلومات عن شبكة الويب والمجموعات السرية".

وأكد الخبير الرقمي أنه على مستخدمي تطبيق "كلوب هاوس" أن يبدأوا بأشياء بسيطة مثل التحقق من الملفات بجانب الاسم وأن يتعمقوا قليلاً لضمان أن الملف الشخصي أصلي، كما يجب عليهم عندما ينضمون إلى الغرف العامة أن يتكلموا فقط عن الأشياء التي لا يمانعون مشاركتها مع العامة، وكذلك أن يفترضوا دائماً بأن هناك شخصاً ما قد يقوم بتسجيلها، كما ينبغي عليهم التأكد من أنهم لا يمنحون الإذن إلا للبيانات المطلوبة ويحجبون أي شيءٍ آخر".