الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

مكالمات فيديو بطريقة «الخيال العلمي»

على مدار سنوات طويلة، عملت غوغل كثيراً لإنجاز برمجيات تسمح للمستخدم بالشعور أنه في حضرة شخص آخر، حتى لو كان هذا الشخص على بعد آلاف الأميال. وتراوحت هذه التجارب بين «غوغل ميت» - تطبيق الاتصالات العادية الذي تقدمه الشركة لمنافسة زووم، نهاية بالتجربة الجريئة التي قدمتها الشركة وهي منصة الواقع الافتراضي «داي دريم» التي تعمل باستخدام النظارات الخاصة، وأجهزة التحكم اليدوية والتي تم إيقافها الآن.

هذه التجارب التي نجح بعضها ولم ينجح البعض الآخر لم تقلل حماس كلاي بافور، رئيس غوغل في مجال الواقع المعزز والافتراضي، للوصول إلى اجتماعات فيديو تشبه الواقع الحقيقي، تجعل الطرف الآخر في المكالمة يجلس عبر الطاولة أمامك، ودون الحاجة لسماعة رأس، وذلك كما قال في تصريحات صحفية لمجلة ويرد المتخصصة في التكنولوجيا. وقام فريقه ببناء «كشك فيديو» وأطلقوا عليه النموذج الأولي للاجتماعات وجهاً لوجه، وحمل هذا المشروع اسم «ستارلاين».

عبارة كشك الفيديو هي في الحقيقة أبسط طريقة لوصف المشروع في شكله الحالي، حيث إنه كشك بالفعل مثل الذي تجده في المعارض العادية، ولكنه أكثر تعقيداً من الناحية التقنية. الكشك في صيغته الحالية جزء منه مغطى بألواح خشبية، والآخر بنسيج رمادي، مع مقعد مثبت في أحد الجوانب، وشاشة كبيرة بقياس 65 بوصة على الجانب الآخر، يجلس المستخدم مقابل الشاشة التي تبدو لوهلة وكأنها تختفي ليظهر مكانها شخص يبدأ الاجتماع، فيما عدا أن هذا الشخص في حقيقة الأمر يجلس في طابق آخر من المبنى.

هذه هي الفكرة التي تتصورها غوغل لمستقبل مؤتمرات الفيديو، وهي رؤية أشبه بأفلام الخيال العلمي، إلا أنها تتحقق حالياً. هذا المشروع الذي تعمل عليه الشركة لم يطلع عليه سوى عدد محدود من الموظفين، وربما يبدو المشروع وكأنه تم تطويره أثناء فترة العزل الإجباري، حيث تحولت أعمال الشركة إلى لقاءات لا تنتهي عبر الإنترنت، ولكن الحقيقة مختلفة كما يقول بافور وهي أن هذا المشروع يتم العمل عليه منذ 5 سنوات كاملة.

قدمت الشركة لمحة سريعة عن مشروع «ستارلاين» للجمهور من خلال مؤتمر IO السنوي، ولكن المشروع لا يزال في إطار التطوير المبكر للغاية، ومن غير المحتمل أن يكون بديلاً لتطبيقات غوغل ميت للعديد من السنوات المقبلة.

خلال التجارب تظهر الصورة بطريقة رائعة تماماً، وتكتمل المرئيات بالصوت المكاني الذي يشبه الواقع، وبعد لحظات ينسى المنخرط في التجربة أنه ينظر إلى شاشة كبيرة، والحقيقة أن هذا الكشك المتطور تم تجهيزه بأكثر من 10 من أجهزة الاستشعار، بالإضافة إلى كاميرات تلتقط أعماقاً مختلفة، وتقوم هذه المستشعرات بالتقاط صور واقعية، وصور ثلاثية الأبعاد، ويقوم النظام بعد ذلك بضغط البيانات ونقلها إلى طرفي محادثة الفيديو بسرعة هائلة، وتطبق غوغل أيضاً بعض مؤثراتها الخاصة من خلال ضبط الأضواء والظلال، والنتيجة النهائية هي تمثيلات واقعية للغاية لمختلف الأطراف في مكالمة الفيديو.



بعيداً عن مشروع غوغل، فإن الفيديو الهولوغرافي، أو الفيديو ثلاثي الأبعاد يتم تسجيله عادة في استوديوهات كبيرة مجهزة بالكاميرات الخاصة، كما تفعل مايكروسوفت على سبيل المثال في استوديوهات ميكسد ريالتي، والمشروع الذي تقدمه غوغل هو عبارة عن ضغط وتصغير لمثل هذه الاستوديوهات الكبيرة، وهو ما يعني أن كلفة تجهيز أحد هذه «الأكشاك» مرتفعة للغاية، وهو ما يعني أن مكالمات الفيديو ثلاثية الأبعاد لن تكون متاحة في المكاتب في أي وقت من المستقبل القريب، أضف إلى ذلك أن المحادثة المتبادلة بهذه التكنولوجيا لا يتم تسجيلها حيث يحدث كل شيء في الوقت المباشر.



يتم نقل جميع البيانات المتعلقة بهذا الاتصال عبر نفس البنية التحتية الأساسية التي يعمل من خلالها تطبيق غوغل ميت لاتصالات الفيديو، ولكن غوغل تقول إن أهم ما يميز التكنولوجيا المستخدمة هي القدرة الفائقة على ضغط البيانات الهائلة التي تسمح لها ببث الفيديو ثلاثي الأبعاد بطريقة متزامنة ثنائية الاتجاه، ومع أنه يصعب تخيل استخدام هذا الأسلوب مع شبكات واي فاي المنزلية الرديئة، إلا أن العاملين في المشروع يقولون إن جميع التجارب تتم عبر شبكة الإنترنت العادية المستخدمة في مكاتب الشركة.

المشكلة التطبيقية في التجارب الحالية، أن تغيير مكان الجلوس ولو لسنتيمترات قليلة يمكن أن يحول التجربة ثلاثية الأبعاد الغامرة إلى تجربة ثنائية عادية، تماماً كما يحدث إذا غيرت مكان الجلوس أمام شاشة التلفزيون الضخمة ثلاثية الأبعاد. بالإضافة إلى ذلك تظهر التجارب وجود بعض الشوائب والمشاكل في الصورة المنقولة، وهو ما يعني أن المشروع المثير للإعجاب بفكرته غير التقليدية لا يزال يحتاج الكثير من العمل الشاق.



تقول الشركة، إن نحو 100 موظف من موظفيها استخدموا بالفعل ستارلاين حيث تم وضع التكنولوجيا بسرية كبيرة داخل مكاتب في ماونتن فيو وسياتل ونيويورك، وقام بافور بعقد العديد من المكالمات مع زملائه المتواجدين في أماكن أخرى من خلالها، ووصل زمن هذه المكالمات إلى نحو 50 ساعة، وأن مثل هذه المكالمات تختلف عن أي وسيلة تواصل أخرى، حيث يتذكر تفاصيل الاجتماعات بطريقة أفضل، ويغادر الاجتماع مع إحساس أنه التقى بالفعل زملاءه وجهاً لوجه، خاصة أن تلك التقنية متحررة من نظارات وسماعات الواقع الافتراضي، وهو ما يمنح المستخدم الراحة والخفة والسهولة المطلوبة.

في الوقت الحالي، تعمل غوغل على تحسين هذه النماذج، وتطوير التكنولوجيا، مع ضغط احتياجات الأكشاك، ومن المحتمل أن تبدأ مرحلة ترويج هذه المنتجات مع الشركات التي ترغب في استخدامها، ويقول بافور إن غوغل ستجري بعض التجارب في وقت لاحق هذا العام مع مجموعة من العملاء الأوائل من بينها شركات الطب عن بعد، أو الشركات الإعلامية وغيرها من القطاعات التي يمكن أن تستفيد بشكل مباشر من هذه التقنية.