الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

طوكيو 2020.. دورة «التكنولوجيا» الأولمبية

تشتهر اليابان بكونها في طليعة التطور التكنولوجي العالمي، سواء كان ذلك في صناعة التكنولوجيا نفسها أو الترفيه أو البحث الطبي، ويعمل المجتمع الياباني بشكل عام على دعم الابتكار وتوفير المناخ للأفكار الجديدة. وكانت الألعاب الأولمبية فرصة هائلة لاستعراض أهم عناصر التطور التقني الذي وصلت إليه اليابان. وعلى الرغم من كثرة التفاصيل المتعلقة بمحاور التكنولوجيا في الأولمبياد، فإن هناك 4 ملامح تقنية تستحق الالتفات:

التعرّف على الوجه

بالاختلاف عن أي ألعاب أولمبية سابقة، تميزت أولمبياد طوكيو بنظام أمان شامل ومتطور، وهو النظام الذي طورته شركتا إنتل وNEC وتم استخدامه على كل من الرياضيين والإداريين والعاملين والمتطوعين ووسائل الإعلام. ويعتبر قلب النظام الأمني هو استخدام أنظمة التعرف على الوجه المتقدمة، وكل ما يحتاجه الأمر هو إرسال صورة للشخص وتخزينها ليتم التعرف على الشخص مباشرة من الأجهزة الإلكترونية والسماح له بالدخول إلى المناطق المسموح بها.



الترجمة الفورية المباشرة

اعتمدت اللجنة المنظمة للألعاب الأولمبية على التكنولوجيا بشكل كبير في توفير وسائل الترجمة بتقنيات الذكاء الاصطناعي والأجهزة اللوحية الصغيرة، وسماعات الأذن، وتطبيقات الهاتف الذكي. ورغم وجود أجهزة «مترجم الجيب» المنتشرة في السوق الياباني، فإن الحكومة خصصت الكثير من الموارد للمعهد الوطني لتكنولوجيا المعلومات والاتصال لتطوير تطبيق هاتفي غير مسبوق حيث يمكنه القدرة على الترجمة بين نصوص 31 لغة مختلفة، بالإضافة إلى 16 لغة منطوقة.



الذكاء الاصطناعي

أكثر الأنظمة العملية التي شهدتها طوكيو 2020 كانت ما يسمى «نظام التوجيه»، وهو النظام المخصص لمساعدة الرياضيين والمتطوعين والسكان على تجنب نقاط الازدحام في المدينة، حيث تسلط الخريطة الضوء على الطرق والمناطق التي «يتوقع» أن تكون أكثر ازدحاماً، ويحدث ذلك من خلال إرسال رسالة للأفراد عبر تطبيق الهاتف والتنبؤ بتحركات الأشخاص بناءً على نتائج المنافسات، والتطبيق يتم تحديثه كل 30 دقيقة. كما شهدت الدورة أيضاً ظهور إنسانين آليين في المطارات والمحطات والمتاجر من أجل المساعدة في خدمات الترجمة والتوجيه، إحداهما من إنتاج شركة «سوفت بانك» والأخرى من إنتاج «هيتاشي».

طاقة من الطحالب

قبل انطلاق الألعاب الأوليمبية بوقت طويل، أعلنت الحكومة اليابانية أنها ستركز الجهود على استخدام مصادر الطاقة المتجددة لتزويد الملاعب والقرية الأولمبية بالطاقة اللازمة، ولم يكن هذا الإعلان مفاجئاً، حيث تستثمر اليابان الكثير من أجل تعظيم استخدام الطاقة المتولدة من الشمس والرياح والمياه. ولكن المثير هو استخدام الوقود الناتج عن الطحالب، وهي تجربة تعمل على تطويرها الخطوط الجوية اليابانية منذ عام 2009، وتوصلت فيها إلى نماذج أولية تهدف إلى إحلال الوقود القادم من الطحالب البحرية محل وقود الطائرات التقليدي بحلول 2050، وعندما يتعلق الأمر بالوقود، يمكن القول إن دورة طوكيو 2020 كانت «أنظف» ألعاب أولمبية حتى الآن.



الروبوتات تستحق الذهب الأولمبي

دورة الألعاب الأولمبية طوكيو 2020 هي استثنائية بكل المقاييس، فبالإضافة للتأجيل لمدة عام، ومنع الجماهير من الحضور للملاعب بسبب جائحة كورونا، كانت تلك المناسبة فرصة هائلة لاستعراض حجم التطور التكنولوجي الذي تقوده اليابان، ومن أبرز ملامح هذه التقنية ظهور الروبوتات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي لتأدية العديد من المهام، بداية من الترحيب بالضيوف وتسلية الأطفال، وحتى مساعدة ذوي القدرات الخاصة.

المجموعة الرئيسية من الروبوتات التي ظهرت في الدورة تولت تطويرها شركة «تويوتا» إحدى شركاء تنظيم الألعاب الأولمبية، وقاد المشروع الخبير «هيروهيزا هيروكاوا» الذي قال في بيان صحفي إن دورة الألعاب أتاحت لهم فرصة فريدة لعرض تكنولوجيا الروبوتات اليابانية المتطورة، ولم يقتصر الأمر عن مجرد عرض لبعض القدرات، ولكن هذه الأجهزة نفذت عرضاً واقعياً لما يمكن أن تفعله التكنولوجيا في مساعدة الناس.

البداية جاءت من تميمتي الدورة الرسميتين، واللتين تم تحويلهما إلى روبوتين صغيرين قادرين على التفاعل البشري بشكل متطور، واستخدامهما في عمليات استقبال الجمهور والترحيب به، بالإضافة إلى إمكانية التقاط صور السيلفي مع الجمهور المتواجد في الألعاب، وهي المهمة التي اقتصرت بعد ذلك على المشاركين في الأولمبياد بعد منع الحضور الجماهيرى، ويحمل الروبوتان اسمي «ميرايتوا» و«سوميتى» على التوالي، وهما بحجم الدمية الكبيرة أحدهما باللون الأزرق والآخر باللون الوردي، ولا يتميزان بقدرات تقنية متطورة ومع ذلك فإن كاميرا الوجه الخاصة بهما تتعرف على الوجوه وتعبيراتها، كما يمكنهما الاستجابة بأعين وامضة وإيماءات بالرأس والمصافحة.

أما الروبوت الذي يحمل اسم T-HR3 فهو إنسان آلي بالحجم البشري يتم تطويره منذ عام 2017، ويتم التحكم فيه عن بعد أثناء تفاعله مع البشر حيث يعكس حركات «المتحكم» البشرى، ويقول «توموهيسا موروداريا» قائد فريق تطوير الروبوتات، إن تأخير الدورة الأولمبية جاء في صالح فريق العمل الذي استمر في تحسين الروبوت وأساليب عمله، حيث تم تقليل وزن الذراعين والساقين لتسهيل التحكم به ضمن نظام المناورة الأساسي، كما أن ردود فعل الروبوت أصبحت أفضل بكثير حيث يبدو وكأنه يتم استخدام أيدي حقيقية بأحاسيس حقيقية.

ووفقاً لشركة تويوتا، فإن هذا الروبوت قادر على تحية الرياضيين «هاي فايف» بيده كما يفعل البشر، ويستطيع أيضاً إجراء محادثة مع الناس، ويضيف موريدايرا: «بالنظر إلى المستقبل، نعتقد أنه سيكون هناك طلب كبير علي الروبوتات التي يمكنها إنجاز المهام الدقيقة والتفاعل الآمن مع البشر»، وبشكل عام فإن جهازي روبوت التميمة وهذا النموذج عبارة عن روبوتات يتم التحكم فيها وتشغيلها عبر مشغلين بشريين عن بعد وباستخدام أجهزة وتقنيات الواقع المعزز.



الروبوت الذي يحمل اسم T-TR1 والذي تم تطويره على يد معهد تويوتا في الولايات المتحدة، فهو يسمح للجمهور على مستوى العالم بالتفاعل مع الرياضيين المشاركين في الألعاب بطريقة افتراضية، وتعرض الشاشة العمودية الطويلة صورة حية للمشارك عن بعد بينما ستعطي الكاميرا المثبتة بالأعلى إحساساً بالتواجد داخل أماكن الألعاب، وسعداء الحظ الذين سيتمكنون من استخدام هذا الجهاز ذي العجلات سيكون بمقدورهم التجول في أنحاء المكان حيث يعرض الروبوت تمثيلاً بالحجم الطبيعي لهم في الموقع رغم وجودهم على بعد آلاف الأميال.

الجهاز التالي في ترسانة الروبوتات الأولمبية، فهو ما يسمى بروبوت دعم أصحاب الإعاقة وتوصيل المواد لهم، ويعمل هذا الروبوت على توصيل الطعام والشراب للمتفرجين في بعض الأماكن المخصصة لذوي الإعاقة، بينما يعمل روبوت آخر للمساعدة على توجيه الضيوف إلى أماكنهم المخصصة بالإضافة إلى توفير معلومات الأحداث الرياضية في الوقت الحقيقي. وهذه الروبوتات تمت برمجتها لخدمة نحو 500 مقعد مخصصة للجماهير صاحبة الإعاقات الجسدية، ولكن بطبيعة الحال فإن تطبيقها العملي كان محدوداً للغاية مع قرار منع حضور الجماهير.

أما بخصوص المنافسات الرياضية نفسها، فهناك مجموعة خاصة من الروبوتات تشبه إلى حد كبير السيارات الصغيرة، وهدفها العمل في دعم الفعاليات داخل الملاعب، خاصة تتبع فريق العمل والتنقل بشكل مستقل وذاتي لجمع الأدوات الرياضية المختلفة مثل الرماح أو الأقراص المعدنية في مسابقات ألعاب القوى وغيرها، الأمر الذي يقلل الجهد البشري التقليدي لهذه العملية. وتم تطوير هذا الروبوت بالتعاون مع الرابطة الدولية لاتحادات ألعاب القوى.

مدرب في معصم اليد

إذا كان التطور التقني هو العنوان الأبرز لدورة طوكيو للألعاب الأولمبية، فإن المشاركين من الرياضيين والمدربين والحكام كانوا أكثر من شعر بهذا الإحساس، وإذا كان دخول التكنولوجيا في الأجهزة الرياضية والملابس والمعدات وأساليب التدريب يشهد صعوداً متلاحقاً، فإن المجال اتسع في دورة طوكيو ليشمل جميع الحركات والسكنات، وخلال جميع المسابقات فإن المستشعرات تجمع البيانات لتعالجها تطبيقات الذكاء الاصطناعي في وقت حدوثها وتقوم برقمنة حركات الجسد ومواقع الكرات ما يساعد الرياضيين على الإبداع، ويساعد المدربين على تحسين الأداء بطريقة ملموسة، ويساعد الحكام على اتخاذ القرارات الصحيحة.

2000 مجموعة من البيانات في ثانية

شركة الساعات السويسرية الشهيرة «أوميغا» تم تكليفها بجمع بيانات الرياضيين خلال المنافسات، ولهذا الغرض يتم توصيل أجهزة استشعار صغيرة في قمصان جميع اللاعبين، حيث يستطيع النظام جمع وتحليل ما يقرب من 2000 مجموعة من البيانات في الثانية الواحدة، وهي بيانات متنوعة المجال بداية من السرعة وحتى نقطة التسارع. وتختلف بعض التفاصيل باختلاف الرياضات، ففي كرة القدم الشاطئية، تقيس كاميرا تعمل بالذكاء الاصطناعي مكان رمي الكرة ومدى ارتفاع اللاعب عند القفز، بينما تحتوي سباقات الدراجات والسباحة والجمباز على أنظمة مشابهة.

ويقول آلان زوبريست، الرئيس التنفيذي لشركة «أوميغا» إن التقنية التي تقدمها شركته قادرة على قياس الأداء الكامل للاعب، وإن كل البيانات التي يتم جمعها سوف تتم مشاركتها مع الرياضيين والمدربين واستخدامها لتطوير برامج التدريب المستقبلية.

تقنية عسكرية

في المقابل، تقوم شركة «تراك مان» الدنماركية لتكنولوجيا الرياضة بمساعدة فريق البيسبول الياباني في سعيه لتحقيق الانتصارات، وذلك اعتماداً على تقنية الرادار المستخدمة بالأساس في الجيوش لتتبع الصواريخ والطائرات، حيث يقوم الجهاز المستخدم بتحليل كل ضربة أو إصابة، ويتم تشغيل مقطع فيديو تلقائياً عند رمي الكرة أو عند ملامستها للمضرب حيث يتم عرضها جنباً إلى جنب مع تحليل البيانات الذي يقوم به النظام.

التحكيم بالتكنولوجيا

ملامسة الكرة لخط الملعب من عدمه حيث تعمل على تتبع الكرات بدقة مليمتر واحد لحسم القرار.

وبالنسبة للتدريبات أصبحت التكنولوجيا تلعب دوراً مركزياً في إعداد الرياضي للمنافسة الأولمبية، حيث يشارك علماء ومحللون ومبتكرون في الأبحاث وتطوير المنتجات التي تساعد رياضييهم على الفوز، البعض من هذه التقنيات ظهر بالفعل في الدورة الماضية من أجهزة الاستشعار التي تتعقب عدد ضربات السباح داخل المسبح، إلى نظارات الواقع المعزز التي يمكنها إظهار معدل ضربات قلب راكب الدراجة الهوائية، وغيرها من المعلومات، أما البعض الآخر فظهر قبل وأثناء دورة طوكيو.

وتستخدم الفرق الأولمبية تقنيات الميكانيكا الحيوية وتحليل البيانات لتحديد وفحص أسلوب لعب الرياضي وتحسينه، وذلك بعد تدخل وتوجيها المدرب أو عند العودة من الإصابة، في رياضة السباحة على سبيل المثال تستخدم كاميرات الفيديو عالية السرعة، ومربعات البداية التي تحتوي على أجهزة الاستشعار لقياس قوى وحركات السباح عند الانطلاق، والعمل على تحسينها من دول النخبة للنامية؟



المثير أن غالبية أجهزة قياس الأداء يمكن ارتداؤها في المعصم بشكل بسيط، وانتشار استخدامها بين الرياضيين تجاوز دول النخبة إلى الدول النامية، على سبيل المثال، استخدم فريق الكرة الطائرة النسائية الكيني مجموعة من أجهزة القياس القابلة للارتداء، حيث تقوم هذه الأجهزة بتقديم بيانات حول قوة كل لاعبة ومعدل ضربات القلب الخاصة بها والعديد من العناصر الحيوية الأخرى التي يستفيد منها المدرب لتقليل معدلات الإصابات وتخصيص أنظمة تدريب فردية.

وبالإضافة للأجهزة المختلفة، تسابقت شركات المعدات الرياضية لتقديم ملابس ومعدات تهدف لتحسين أداء الرياضيين، كما فعلت شركة «أنتا سبورتس» الصينية التي قدمت أحذية رياضية مطبوعة بتقنية الأبعاد الثلاثية لفرق الملاكمة، وقالت إنها أكثر ملائمة للرياضي، وتوفر له حماية أفضل. كما صممت ثياب الجمباز ثلاثي الأبعاد لتناسب بدقة شكل أجساد لاعبي الجمباز الصينيين.

أما شركة «رالف لورين» الأمريكية للملابس فقدمت ابتكاراً جديداً لفريق بلادها وهي ملابس «أكثر برودة»، والتي تم تصميمها آخذاً في الاعتبار درجة الحرارة المرتفعة خلال فترة الأولمبياد في طوكيو. ويقول ديفيد لورين نائب رئيس مجلس إدارة الشركة: «سعينا لتقديم حل لهذه المشكلة يجمع بين الموضة والوظيفة». وتعمل هذه الملابس على استشعار حرارة الجسم وتقوم بإعادة توزيع تلك الحرارة على جسد من يرتديها وفق تكنولوجيا متطورة قالت الشركة إنها مماثلة للتكنولوجيا المستخدمة في تبريد أنظمة الكمبيوتر، ويقول لورين: «يأتي تأثير الإحساس بالبرودة من الملابس فوراً، ويدوم طويلاً حتى في أشد درجات الحرارة ارتفاعاً».

شركة «سبيدو» أصدرت قبل الدورة مباشرة نموذجين من ملابس السباحة الجديدة من موديل «فاست سكين» الخاصة بها، والتي تستلهم التصميم من سمك القرش وتعمل على تقليل مقاومة السباح للماء، أما شركة «نايكى» التي أصدرت في عام 2017 أحذية الجري التي تحمل اسم «فايبور فلاي 4%» فقد أثبتت دراسات مستقلة أن هذا الحذاء يمكن أن يقلل استهلاك الطاقة النشطة بنسبة 4% مقارنة بأحذية الماراثون الأخرى، بما في ذلك حذاء «آديزيرو» الذي حطم الأرقام القياسية من شركة أديداس.

ولهذا السبب أصدر اتحاد ألعاب القوى في يوليو من العام الماضي قراراً بحظر استخدام أحذية «فابور فلاي» في منافسات الألعاب الأولمبية بطوكيو، وجاء الحظر نظرا للتقنية المستخدمة في صناعة هذا الحذاء والتي تتكون من ألواح ثلاثية من ألياف الكاربون المدمجة في رغوة مضغوطة للغاية ما يزيد من مستوى القوة التي يحصل عليها من يرتديه مقارنة بالآخرين.

وعندما يتعلق الأمر بإدارة الحياة الصحية للرياضيين، لا يوجد أفضل من الأدوات الأدوات الرقمية، هناك على سبيل المثال تطبيق «ون تاب سبورت» الذي تنتجه شركة يابانية، ويقوم باستخدامه أكثر من 45% من الرياضيين اليابانيين المشاركين في الأوليمبياد. ومن خلال التطبيق يسجل الرياضي حالته الصحية والإصابات والوجبات والتدريبات اليومية، ويمكن للمدربين وخبراء التغذية الاطلاع على هذه البيانات وتحليلها من خلال الرسوم البيانية والمخططات واتخاذ القرارات المطلوبة.

أسطول كامل من المركبات ذاتية القيادة

لا حاجة للسائقين


عندما يتعلق الأمر بالتنقل من مكان إلى آخر، سواء داخل القرية الأولمبية أو بين الملاعب، تبرز التكنولوجيا بطريقة غير مسبوقة من خلال السيارات التي تعمل بالكهرباء، أو تلك ذات القيادة الذاتية، وهي المنطقة التي برزت فيها بشكل واضح شركة «تويوتا» الشريك الرسمي في الألعاب، والتي أعلنت أن نسبة لا تقل عن 90% من مركباتها المستخدمة في الأولمبياد تعمل بالطاقة الكهربية بهدف تحقيق أدنى مستوى من الانبعاثات الكاربونية لأي أسطول رسمي يستخدم في أي دورة للألعاب الأولمبية، خاصة أن إجمالي عدد مركبات الحركة والتنقل التي تقدمها يصل إلى 3700 مركبة مختلفة.





وبالإضافة إلى تطور تكنولوجيا الوقود، شهدت الدورة ما يمكن اعتباره أكبر انطلاقة عالمية للسيارات ذاتية القيادة، حيث وقعت مهمة نقل الرياضيين والمدربين والإداريين من أماكن الإقامة إلى أماكن التدريب والملاعب علي عاتق مركبة e-Palette وهي مركبة ذاتية القيادة توفر خدمة نقل مستمرة داخل القرية الأولمبية وحولها وتعمل على مدار الساعة لنقل الرياضيين من وإلى الملاعب، والمركبة الواحدة قادرة على حمل ما يصل إلى 20 راكباً في الرحلة، ونظراً لأن هذه التكنولوجيا جديدة تماماً، قررت اللجنة المنظمة أن يتواجد سائق بشري في كل رحلة للتدخل في حال احتاج الأمر تدخله. وتتميز هذه المركبة بأضواء مريحة ومهدئة، وعند توقفها وفتح الباب يتم تجديد أكثر من نصف هواء الكابينة، كما يتم استخدام المطهرات في جميع نقاط التلامس لتحجيم انتشار فيروس كورونا.

أما الجزء الذكي في هذه العملية، فإن نظام تشغيل الأسطول الذي يتحكم في زمن تقاطر المركبات يعمل بشكل يتناسب مع الواقع الفعلي، ويعمل نظام إدارة التنقل المستقل على إرسال المزيد من المركبات إذا دعت الحاجة إلى المناطق التي تحتاجها وبالأعداد المطلوبة وفق جداول منتظمة، لكن في الوقت نفسه إذا بدأ عدد الركاب في التزايد عند محطة معينة يقوم نظام الإدارة بتعديل الجدول وإرسال سيارات إضافية فوراً، ما يقلل الازدحام ويقلل وقت الانتظار.

وفي حالة حدوث أي عطل، تعود هذه المركبات تلقائياً إلى الجراج ويتم إرسال سيارات بديلة، ويمكن لشخص واحد في مركز التحكم الرئيسي أن يقوم بمراقبة وإدارة العديد من المركبات في وقت واحد، ما يسمح بالتشغيل الآمن مع وجود أقل عدد من العاملين البشريين. والمثير أن تصميم هذه السيارات المتطورة تم بالطريقة العكسية لما يحدث في السيارات العادية، حيث تم تصميم أنظمة التشغيل أولاً ثم تصنيع الأجهزة والسيارات بعدها، وتخطط «تويوتا» لنشر استخدام هذه السيارات في الأماكن التي تعاني من نقص أعداد السائقين وذلك بعد انتهاء الألعاب الأولمبية.

5 ثوانٍ كافية لإعداد لقطات تحاكي فيلم «ذا ماتريكس»

البث بطريقة «بانورامية»

بين دورة أولمبية وأخرى، ينتظر الجمهور على أحر من الجمر مشاهدة أحدث ما توصل إليه العلم في مجال النقل التلفزيوني بمختلف تقنياته، وعلى الرغم من أن السنوات الأخيرة شهدت قفزات هائلة في هذا المجال، فإن دورة الألعاب في طوكيو لم تخرج خالية الوفاض من هذا السباق، حيث قدمت «خدمة البث الأولمبية» OBS وهي الناقل الأساسي للألعاب مجموعة من الأساليب الجديدة تماماً، أبرزها النقل فائق الجودة بدقة 8K بالإضافة للعديد من اللمسات الأخرى، وشهدت أيضاً عمليات البث مجموعة من الأرقام القياسية وفق ما ذكرته OBS في الدليل الرسمي، منها مثلاً القيام بإنتاج أكثر من 9500 ساعة من المحتوى باستخدام أكثر من 1000 نظام كاميرا و3600 ميكروفون.

وتعتبر من التقنيات الحديثة تماما، نقل البيانات البيومترية أثناء البث، ففي رياضة القوس والسهم، يقف الرماة بلا حراك تماماً أثناء سحب الأقواس، لكن بطبيعة الحال فإن التغييرات البيومترية تحدث داخل أجسامهم وهي التغييرات التي لا يراها الجمهور، ولكن هذا الأمر تغير للمرة الأولى في التاريخ بفضل تقنيات المراقبة الحية لمعدل ضربات القلب، حيث تم وضع 4 كاميرات على بعد 4 أقدام وهي تركز على وجه رامي السهم. وتنقل الكاميرات المعلومات البيومترية، ليشاهد المتفرجون على الشاشة مجموعة من الرسوم توضح كيف تتغير نبضات القلب، وتظهر أي اندفاع للأدرينالين، وتقوم تلك الكاميرات بتحليل أدنى تغير يحدث في الجلد عندما تنقبض الأوعية الدموية.

هناك أيضاً التغطية البانورامية حيث تم استخدام عدد هائل من كاميرات 4K عالية السرعة، الأمر الذي أتاح طريقة جديدة تماماً للتعامل مع فعاليات رياضات كرة السلة والجمباز والدراجات والغولف وكرة القدم والتزلج وغيرها. ومن خلال هذه الأنظمة يمكن أن تقوم أنظمة إعادة بث اللقطات بالتشغيل من زوايا 360 درجة مختلفة، وهو الأمر الذي يشبه في الكثير من الأحيان لقطات فيلم «ذا ماتريكس» عندما تدور الكاميرا حول شخصية وهي تطفو في الجو. هذه الفكرة المستخدمة بالضبط، حيث يمكن لمشغل الكاميرا أن يقرر في لحظة تجميد الحركة ويمكنه بعد ذلك معالجة إعادة العرض من جانب إلي آخر حول اللاعب بالإضافة إلى إمكانية التكبير، ولا يحتاج تجهيز هذه اللقطات أكثر 5 ثوانٍ لتكون جاهزة للظهور على الهواء.

تقنية أخرى مستخدمة في هذه الألعاب، وهي التتبع ثلاثي الأبعاد، حيث يحصل المشاهدون على هذه الرؤية في الوقت الفعلي خلال أحداث منافسات العدو المختلفة (100 متر، 200 متر، 4X 100 تتابع، العشاري، والسباعى)، وقالت خدمات البث الأولمبي إن شركتي إنتل وعلي بابا تعاونتا لتطوير هذه التكنولوجيا ثلاثية الأبعاد المدعومة بالذكاء الاصطناعي لتتبع اللاعبين. وباستخدام هذه التقنية، يري المشاهدون أداء الرياضيين بطريقة غير مسبوقة مقارنة بالأداء بين مختلف اللاعبين وستظهر التفاصيل بدقة متناهية بما في ذلك اللحظة التي وصل فيها كل عداء إلى سرعته القصوى، بالإضافة إلى الرموز اللونية المختلفة التي توضح التغييرات في السرعات.