ندرك تماماً أن الشخصيات التي تخلّف أثراً بالغاً في أنفسنا لا تموت بموت أجسادها، فأفكارها وسماتها تظل خالدة يذكرها التاريخ أبد الدهر، وهذا الأمر لا يقتصر على الشخصيات الحقيقية فحسب، وإنما يشمل الشخصيات الخيالية أيضاً.
بل إن بعض الشخصيات الخيالية وردت على ألسنتها مقولات مهمة للغاية انضمت مع المقولات الملهمة عبر التاريخ، منها على سبيل المثال لا الحصر مقولة «القوة العظيمة تستوجب مسؤولية عظيمة» على لسان بن باركر عم البطل الخارق (الرجل العنكبوت).
ورغم ما سبق، يحق لعشاق الروايات البوليسية الابتهاج لعودة المحقق البلجيكي العبقري (هيركيول بوارو) إلى الحياة، حيث إنه قضى نحبه في رواية «الستار: قضية بوارو الأخيرة» الصادرة عام 1975 بعد رحلة حافلة لحل أعقد جرائم القتل على مدى 50 عاماً.
و عاد بوارو للحياة لأن الروائية البريطانية المعاصرة صوفي هانا ارتأت خسارة توقف تلك الخلايا الرمادية المذهلة عن العمل في حل جرائم القتل المستعصية، فنالت حقوق إحياء الشخصية، ونشرت روايتين تناولتا عودة (هيركيول بوارو) للعمل وتسخير خلاياه الرمادية لحل جرائم القتل المعقدة بعد انقطاع دام 83 عاماً.
ويعد المحقق البلجيكي المتغطرس (هيركيول بوارو) من أشهر الشخصيات التي خلّدت أعمال ملكة أدب الجريمة الإنجليزية أغاثا كريستي، والتي تعد حسب موسوعة غينيس أكثر الروائيين مبيعاً في التاريخ، حيث بيعت من الثمانين رواية وقصة التي نشرتها أكثر من ملياري نسخة وترجمت لأكثر من مئة لغة.
مسؤولية إحياء شخصيات أغاثا كريستي لم تكن بالمهمة السهلة لأي كاتب، بيد أن (هانا) أولت (هيركيول بوارو) عناية فائقة جداً في روايتيها، لدرجة بدت لي وكأنهما امتداد لأعمال أغاثا كريستي الخالدة، وسأستعرض في مقالات تالية الأعمال التي أحيت أشهر محقق بوليسي في العالم (هيركيول بوارو).
s.zaabi@alroeya.com
روائي ومتخصص في الإعلام