الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

مهارة واحدة لا تكفي

يقولون «إن الإنسان لا يستطيع حمل بطيختين في يد واحدة، ولا يمكنه أن ينجز عملين في وقت واحد، ولكن، بالمقابل يمكن أن يتمتع بمهارات عدة، وقد لا يوجد أي رابط بينها»

وفي ثقافتنا العامة، هناك قناعة راسخة، تفيد، بأن الشخص الذي يمتلك أكثر من «صنعة» أو مهارة «ما ينخاف عليه»، ومن الصعب جداً أن تهزمه الحياة وإن بخلت عليه!

يقول «ستيف جي جونز» أستاذ التنويم الايحائي: «كل ما تشعر به وتعتقد أنه يجعلك شخصاً أفضل، وسعيداً أكثر وأكثر إنتاجية، هو موجود الآن ليس في أي مكان بل في داخلك».


ليس هناك مخلوق لا يملك نقاط قوة، يستطيع من خلالها فيما لو اكتشفها واشتغل على صقلها، أن تصنع منه كائناً مميزاً، وأن كانت موجودة في الآخرين، فهو وحده من سيصنع بصمته في مهارة ذاتية يمتلكها.


على سبيل المثال، واحدة من المعارف، كانت تمتلك موهبة الرسم، والمناخ الثقافي والاهتمام بالفن التشكيلي في بلادها لا يشجعان على مواصلتها في مجال التشكيل أو تطوير مشاريعها وطموحاتها فيه، في يوم ما، اضطرت، لرسم سكيتش فستان، لحفل زفاف شقيقتها، كانت الخطوة محض صدفة، تم تصميم الفستان، ولاقى إعجاباً من الأهل والمدعوين في حفل الزفاف، اشتغلت على التصميم بمزاج عال، متحررة من تنظير جمهور نخبوي كما هو الحال في الفن التشكيلي.

بعد نجاح التصميم الأول، تبعته بتصاميم أخرى على نطاق العائلة والصديقات والمعارف، استطاعت بعد سنة أن تحقق سمعة طيبة، وبصمة مميزة زاوجت فيها الفن التشكيلي بمهارة جديدة، هي، تصميم الأزياء، ونجحت نجاحاً باهراً منقطع النظير.

إخضاع قدراتنا الذاتية لخوض تجربة ما، قابلة للنجاح أو للفشل، كفيلة بأن تقودنا لاكتشاف قدرات أخرى نمتلكها ولكن الظروف المحيطة بنا أو الأشخاص الذين من حولنا لم يساعدانا لاكتشافها أو استغلالها أو صقلها كما يجب.

فهناك الكثير ممن يمتلكون مهارات ذاتية خلاقة، وينقصهم الثقة اللازمة والتشجيع، وأخذ زمام المبادرة، أو موجّهاً نبيهاً ينفض عنها الغبار يقودهم للاشتغال على تلك المهارات وتوظيفها بشكل سليم ومثمر.

فالكثير منا من آثر البقاء حياً على هامش الحياة، وبقي طيلة حياته يراوح مكانه ولم يحاول أو يفكر، يوماً، في استنهاض شغفه في إتقان أو تعلم شيء جديد من المهارات الحياتية، يعيد اكتشافه لذاته ولقدراته وتغير نظرته لنفسه وللحياة معاً!

وهناك من تدفع به «الحاجة»، لخوض تجربة اكتساب مهارة جديدة يستند عليها كمصدر إضافي للرزق، فالحاجة مسوغ منطقي يدفع الإنسان لاكتساب مهارات لم يكن يتقنها، لتأمين حياته، وقد تصبح فيما بعد «صنعته».

وهناك من يسعون إلى صنع حياة متجددة دائماً، خشية وقوعهم، يوماً، في فخ «الاعتيادية» ورتابتها والرضوخ لشروطها، فتجدهم يحركون المياه الراكدة في سواقيهم؛ ويجددون طاقاتهم، يعززون قدراتهم الذاتية باكتساب مهارات حياتية جديدة.

كل مهارة جديدة تتقنها، هي قيمة مضافة لحياتك، ولمعدل خبراتك التراكمي، فإضافة مهارة جديدة لمهاراتك الذاتية كفيلة بمنحك أكثر من حياة، وأكثر من روح، وأكثر من خيار، وأكثر من تجربة، وأكثر من ذراع، وأكثر من ذات، وأكثر من ضوء!