الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

زايد باني وطن التسامح

زايد باني وطن التسامح
«دولة الإمارات العربية المتحدة قامت على أساس فكرة قد تبدو بسيطة لكنها عظيمة، وهي التسامح»، هذا ما قاله لي الدكتور عدنان الباجه جي خلال حديثنا لاستكمال كتابي عنه «الذاكرة الحية»، سارداً ذكرياته عن مسيرته مع الشيخ زايد، طيب الله ثراه، في المراحل الأولى لبناء الدولة.

يضيف الباجه جي، قائلاً «أنا وخلال مسيرتي الحياتية والمهنية سواء في العراق أو في أروقة الأمم المتحدة لأكثر من نصف قرن قابلت ملوكاً ورؤساء وأمراء من مختلف دول العالم، لم أجد شخصية متسامحة مثلما كان الشيخ زايد، بل أنا تعلمت منه الكثير، وهذا يشرفني، في مجالات كثيرة، وأهمها من روحه المتسامحة مع الآخرين، لهذا لُقب بحكيم العرب، وكانت مكافأته القيمة هي محبة الناس له، محبة شعبه والعرب وكل من التقاه من الغربيين، هذه المحبة المخلصة هي ما يبقيه حياً في قلوبهم وعقولهم وأرواحهم.. كان مؤمناً بإخلاص بفلسفة التسامح».. يصمت قليلاً، ثم يستطرد «أتذكر عندما كنا وعلى رأسنا صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، أثناء ترؤسه المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، نواجه موقفاً نعتقده صعباً أو تحدياً معقداً، كان الحل هو ابتسامة الشيخ زايد التي تنم عن روحه المتسامحة ليهدينا إلى الحلول الناجعة بهدوء».

أن يرث الأبناء تفاصيل كثيرة عن الأب، في الشكل والأخلاق والتصرفات أو حتى في الصوت أو أسلوب الحياة فهذا قد يبدو طبيعياً، لكن أبناء الشيخ زايد، رحمه الله، ورثوا إلى جانب الصفات الحميدة والعظيمة التي تمتع بها الأب المؤسس والراعي، نعمة التسامح، فهذا هو الخلود بأرقى تعريفاته ومعانيه، فالخلود ليس خلود الجسد بل خلود المبادئ والقيم الأخلاقية السامية التي تحيا مثل شجرة حية، تمنح ثمارها الطيبة جيلاً بعد جيل. وواحدة من أكثر هذه الثمار نبلاً هي التسامح.


التسامح عند أبناء الشيخ زايد من حكام الدولة هو شيمة حقيقية، هي جينات موروثة وليست مكتسبة، وهي أسلوب حياة أصيل وتصرف حضاري يتسم بالرقي والقوة والكبرياء والسمو. وما أن تسأل أي وافد مقيم في أية مدينة من مدن دولة الإمارات العربية عن صفات أي قيادي أو مسؤول في الدولة، سيرد بلا أي تردد «هم متسامحون»، ومثلهم شعبهم، بناتهم وأبناؤهم، مهما كانت أعمارهم وفئاتهم الاجتماعية، متسامحون، الابتسامة عنوان وجوههم والتفاؤل صيغة أرواحهم الطيبة، بل حتى في مفرداتهم اللغوية المتداولة، «خير إن شاء الله» و«الأمور طيبة»، وغيرها من مفردات قاموسهم المتسامح. ولنا أن نسمي الإمارات دولة التسامح.


لهذا كله كان من الطبيعي أن يخلف عام زايد في تاريخ الأعوام، عام التسامح وأن تكون قوانين ونهج وأساليب هذا العام قائمة على فلسفة التسامح في كل مجالات الحياة، فالإمارات سباقة في المبادرات الإنسانية، وهي الوحيدة التي في حكومتها وزارة للتسامح..لنا أن نتخيل، فقط أن نتخيل كم سنكون سعداء نحن العرب، بل والبشر جميعاً، وسنكون منتجين أيضاً لو زرعنا في دواخلنا بذرة التسامح، وآمنا بفلسفة التسامح.. عام متسامح سعيد مزدهر بالإنجازات النبيلة.

[email protected]