الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

ميلاد الموسيقى

منذ نشأة الحياة وقبل وجود الإنسان، تماماً عند اللازمان ووسط اللامكان، خرجت من رحم الطبيعة تصدح بالألحان، عبر إيقاع سقوط المطر، وصوت احتكاك الأرض والحجر، والكواكب والنجوم والشمس والقمر، وزقزقة العصافير وهدير البحر، وهمهمة الليل وبزوغ الفجر، ودبيب الكائنات وحفيف الشجر، منذ الأزل إلى أبد الدهر، هكذا جاءت الموسيقى كالقدر، قبل ميلاد جميع البشر!

أول آلةٍ موسيقية حقيقية عرفها التاريخ البشري تكمن في «الحنجرة»، إذ تُقدِّم الأحبال الصوتية موسيقاها مجاناً من دون أُجْرة، وذلك من خلال الحديث أو التنهد أو الضحك أو حتى الصراخ والزمجرة، باختصار قبل اختراع الآلات الفعلية التي تفتت المشاعر المتحجرة، وتوجه بالإيجابية مجموع الطاقات الكامنة والمتفجرة، وطبعاً قبل ظهور نمط السوناتا والكونشرتو والسيمفونية وموسيقى الحجرة، هذا بغض النظر عن إجادة نغمة التصفير وإيقاع التصفيق، فلقد سعى ابن آدم في طريق النجاح والتوفيق، ولذلك صنع الآلات الإيقاعية أولاً، أي كالقرع على الطبول مثلاً، حيث استعان بجلود وعظام وقرون الحيوانات، وأغصان وجذوع وأوراق النباتات، ثم تطورت فكرة هذه الصناعة، لتصبح في أرواحنا الغذاء والمناعة.

أكدت بعض الدراسات على أولوية اختراع الآلات النفخية قبل كل شيء، وكأن أنين الناي في ذلك الوقت كان أجمل شيء، ولكن تبقى الحقيقة في جمال الموسيقى ذاتها أهم من أي شيء.


[email protected]