الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

اللطف جينات الشعب المصري

اللطف جينات الشعب المصري

سارة مطر

قبيل سفري إلى قاهرة المعز بيوم واحد فقط، سقطت من على سلم البيت، ولم أتوقع أن مثل هذا السقوط سيؤدي إلى أن تكسر قدمي، كانت مفاجأة بالنسبة لي، الألم قاس جداً، لا يمكن لي وصفه أو حتى تصوره، ولكني اعتقدت أنه مجرد ألم سيبقى لأيام، لذا، وأنا في المستشفى لم أتخيل أن الانتفاخ الذي حصل لقدمي اليمنى، سيكون كسراً وسأضطر لأن أرضخ لأوامر الطبيب وأن تُجبّر قدمي.

بسبب ذلك الأمر طارت الطائرة التي كنت قد قررت السفر عليها، واضطررت للسفر في وقت آخر، لم تكن زياراتي إلى القاهرة للتمتع بالطقس أو الجلوس عند النيل وقراءة الكتب المتوجب عليّ الانتهاء منها، ولكن لسبب آخر ألا وهو اتباع شغفي كما تقول صديقتي العزيزة أميرة، فقد كنت أذهب بشكل أسبوعي لحضور ورشة عمل في دراسة السيناريو، وهو الحلم الذي كنت أرغب فيه منذ أكثر من ثلاثة أعوام، وقد حان الوقت للركض تجاه هذا الحلم وتحقيقه بأي طريقة كانت، لم تكن الأمور تسير بشكل مفاجئ، لقد رتبت مواردي المادية، ورتبت إجازاتي في العمل، وبعدها قررت أن أعود طالبة على مقاعد الدراسة في القاهرة.

كسر قدمي لم يمنعني مطلقاً من السفر إلى القاهرة وحضور ورشة العمل، كنت أمارس حياتي بشكل طبيعي جداً، لم أكن أشعر في لحظات طويلة أن قدمي مكسورة، إلا حينما أحتاج للصعود عبر السلالم، كان الأمر مضنياً وقاسياً ومتعباً في ذات الوقت، عدا ذلك فالحياة لم تتوقف أمامي، ربما البعض يتساءل ماذا تريد سارة من كتابة المقال؟ هل نتعاطف معها؟ أم نمتدحها لأنها لم تتوقف أمام ما حدث لها، وأكملت مسيرتها في السفر وحضور ورشة العمل؟ الحقيقة التي أود أن أتطرق إليها في مقالي، أنني في كل مكان كنت أتواجد فيه، في الفندق، أو في شوارع الحسين، أو حتى أثناء قضائي يومين في الإسكندرية، وفي الصيدلية، وعند بائع الورد، والمقاهي التي أزورها على الدوام، لم يتوقف الشعب المصري اللطيف، عن مواساتي أثناء سيري في الطريق، كنت أسمع عدداً من العبارات الطيبة «معافاة يا رب»، «ألف لا بأس عليك»، «شفاء طهوراً إن شاء الله»، وكنت أشعر بالسعادة لهذه المودة ولهذا اللطف النبيل، لم تكن الكلمات تمر مروراً عابراً، كان ثمة شيء في قلبي يكبر، مشاعر ودودة أنا بحاجة إليها.


يا إلهي كيف تعلم هذا الشعب مثل هذا اللطف، والتعاطف العظيم، وعدم الخجل من البوح بمشاعره، بالتأكيد لست سعيدة بأن قدمي مكسورة، ولكني سعيدة لأني أتلقى مثل هذه العبارات بشكل يومي ومن مختلف فئات الناس، فشكراً لشعب مصر.


[email protected]