الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

ثقافة الموبايل

لاشك أن عصر التكنولوجيا وما يفرزه من ابتكارات وألعاب تقنية حديثة، يؤكد أنه يملك السيطرة على الكبار قبل الصغار، ويفرض نفسه حتى على أحاديثهم الاجتماعية أو الإنسانية ويسرق منهم جل أوقاتهم، شاءوا أم أبوا؛ إذ كنت في غرفة العمليات، أرادت الطبيبة التي تجري لي الجراحة أن تستثمر الوقت في الدردشة لتخفف عني التوتر. فسألتني: ما العمر الذي تعتقدينه مناسباً ليحمل طفلك جهاز موبايل؟ قلت: لا أدري. لكن هل سيدهشك أن طفلي الذي لم يتجاوز ثمانية أشهر ينشد للألوان الصادرة من شاشة الموبايل، فيلح على طلبه للمسه ورؤية الألوان، ورغم تخوفي من تعلقه بهذا الجهاز من جانب، أجد أن عائلتي تصر على شراء لعبة على شكل موبايل له ليستمتع لأغنيات الأطفال والموسيقى ويبتعد عن رغبته الأصلية في الحصول على أجهزة موبايلاتنا. والحقيقة أني أخاف اعتياده على حمل هذا الجهاز في سنٍ مبكرة، وفي الوقت نفسه لا أدري ما هي الطريقة الأمثل لأجعله ينصرف عنه حتى سن المراهقة على الأقل.

قالت الطبيبة: ابني في الصف الثالث الابتدائي، يبكي يومياً للحصول على جهاز موبايل وحين رفضت طلبه قال إن زملاءه يملكون هواتفهم الخاصة، وهو يرفض الآن استخدام الآيباد والأجهزة اللوحية ويصر جداً على أن يحظى بموبايله الخاص. بينما أرى أن الوقت لا يزال مبكراً، وأن عليه الالتفات لدراسته الأكاديمية وتحصيله لا الانشغال نحو التكنولوجيا التي أخذتنا من حياتنا الاجتماعية واليوم تريد أن تأخذ مستقبل أطفالنا.

انتهت عمليتي الجراحية الصغيرة، ولم ينته حديث الأمهات الذي بدأناه .. والذي يثير تساؤلات عميقة فعلاً: ما هي اللغة التي يعرفها هذا الجيل؟ إنها لغة الإيموجي والصور الجاهزة، ليست لغة الكلام والتعبير الحقيقي. وما هي الثقافة التي يدركونها؟ إنها ثقافة ألعاب الموبايل التي تقودهم نحو الإدمان والتفاعل معها.


[email protected]