الثلاثاء - 23 أبريل 2024
الثلاثاء - 23 أبريل 2024

مدينة الكفاءة

مدينة الكفاءة
في الأسبوع الماضي تحدثت عن الكفاءة وكيف أنها أصبحت لدى البعض القيمة الأهم، وهي القيمة التي تدفع التقنية وتطويرها وتحسينها لأننا كبشر نريد من التقنية أن تكون أفضل وأسرع وأقل تكلفة وأقل استهلاكاً للموارد.

الشركات الكبرى اليوم تضم عدة شركات تقنية وقد كان قطاع التقنية قبل 20 عاماً يواجه أزمة اقتصادية سميت بفقاعة الدوت كوم، شركات عدة حصلت على استثمارات كبيرة وكلها ذهبت مع الريح وهكذا كانت بدايات قطاع التقنية في الألفية الجديدة، لكن هذا الوضع تغير سريعاً بتحول شركة واحدة من شركة تقدم محرك بحث إلى شركة تبيع إعلانات في محرك بحثها، ولكي تقدم إعلانات أفضل فعليها جمع كل البيانات من المستخدمين ولم يكن هذا كافياً فقدمت خدمات جديدة مجانية لتجمع مزيداً من بياناتهم، وقد كنت أحد المستخدمين لهذه الخدمات وكنت سعيداً بما تقدمه الشركة، الآن أنظر لكل هذا وأستغرب كيف لم أفكر بأمر بسيط: إن كانت الخدمة مجانية فما هي السلعة؟ ما هو نموذج الأرباح؟

التربح كان من خلال جمع بيانات الناس وتوقع تصرفاتهم ورغباتهم وعرض إعلانات مصممة لكل فرد، الشركات تعمل بمبدأ «أن تطلب اعتذاراً أسهل من أن تحصل على إذن» والمقصود بهذا أن الشركات ستجمع البيانات أولاً دون إذن وإن عاتبها أحد أو انتقدها يمكنها أن تعتذر وربما تعد بتغييرات ليهدأ الناس ثم تعاود فعل ما فعلته سابقاً بطرق أخرى.


الشركة صاحبة محرك البحث جمعت بيانات موجودة في الشبكة أولاً لغرض تقديم نتائج جيدة للباحثين، لم تستأذن في فعل ذلك وهذا ما فعلته مرة أخرى عندما خرجت بسياراتها ودراجاتها لتصور طرقات العالم وتصنع خرائط مفيدة، الهدف دائماً تقديم خدمات مجانية مقابل أن تجمع بيانات من الناس، وقبل استخدام الخدمات تعرض الشركة اتفاقية استخدام بلغة قانونية وصفحات كثيرة، لا أحد يقرأ هذه الاتفاقيات ومع ذلك يوافقون عليها وعلى شروطها التي قد تحوي أي شيء.


ما علاقة كل هذا بالكفاءة؟ الشركات تهدف لأن تجعل حياة الناس أكثر كفاءة من ناحية أتمتة كل شيء حولهم وتقديم خدمات مجانية وبعض الخدمات مقابل المال وتجمع بياناتهم، شركة محرك البحث لم تكتفِ بشبكة الإنترنت بل تصنع وتصمم مدينة ذكية تراقب كل شيء بالكاميرات والمستشعرات وتقيس كل شيء لكي تقدم أكفأ مدينة على الإطلاق، الساكن في هذه المدينة سيراقب خارج المنزل وداخله وبالطبع باستخدام خدمات وأجهزة الشركة.

[email protected]