الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

وطن الإنسانية

وطن الإنسانية
إن استشراف مستقبل الإنسانية وتلمس الحاجة لحل أزمات العصر من تطرّف فكري وديني لم تكن وليدة لحظة استقبال دولة الإمارات للبابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية في زيارته الأولى لمنطقة الخليج العربي، بل هو فصل تاريخي جديد يضاف إلى إرث إنساني عريق أسسه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وسار على نهجه أبناؤه الأبرار الذين حافظوا على دولة الإمارات في مقدمة الدول المحتضنة للتسامح، ليس فقط في المنطقة بل في العالم أجمع.

أذكر حين أُعلن عن صرح جامع الشيخ زايد كثاني أفضل صرح معماري في العالم، لم أستغرب من هذه النتيجة التي كانت من ضمن أهداف بناء هذا الصرح خيالي الجمال، وأن مرتادي هذا الصرح قد تخطّى عدد مصليه بثلاثة أضعاف! حيث تجاوز العدد مليون مصلٍّ، في حين تجاوز عدد الزائرين ثلاثة ملايين.

إن التفكّر في هذه الأرقام يوصلنا لنتيجة واحدة مفادها بأن هذه المعدلات القياسية لم تكن لتسجل لو لم تكن دولة الإمارات ذات سمعة طيبة جابت العالم محبة وتسامحاً وسلاماً مستقطبة كل هذه الحشود.


ويأتي افتتاح كنسية القديسة مريم مكملاً لهذه المسيرة المشرّفة في توسيع أفق التسامح الديني والإنساني، فعلاً وليس قولاً فقط.


إن كنيسة القديسة مريم ليست الكنسية الأولى في الدولة، بل سبقتها أكثر من 75 كنسية تلبّي حاجة جميع الجنسيات والثقافات على أرض الإمارات، إلا أنها تمثل الكنيسة الكبرى في منطقة الخليج التي ترسّخ مكانة دولة الإمارات عاصمة عالمية للتسامح، وسيفد إليها الزوار من كل أنحاء العالم حاملين معهم حين عودتهم لديارهم الصورة الحقيقة عن سماحة الإسلام وسعة صدره في تقبّل الديانات والشرائع، لتكون الوسيلة المستدامة في محاربة صفة الإرهاب الملتصقة مؤخراً بالدين الإسلامي، والذي يعتبر حلاً استراتيجياً لهذه الأزمة استشرفته دولة الإمارات مجدداً بسعة أفقها عندما قررت استضافة المؤتمر العالمي للأخوَّةِ الإنسانيَّة.

وهنا لا بد من التأكيد أن الإنسانية جمعاء سترجع من دون شك لهذا الحدث التاريخي الكبير، مشيرين له بالكلمة والصورة والبنان على أنه من أهم المنجزات التي ترسخ صورة ومكانة الإسلام اللائقة في أذهان الشعوب كافة، والفضل بإذن الله سيعود لدولة الإمارات العربية المتحدة .. وطن التسامح والتعايش والإنسانية.

[email protected]