الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

المنجمون الكاذبون

المنجمون الكاذبون

سارة مطر

اشتريت كتاب الراحل حمدي قنديل «عشت مرتين» قبيل وفاته، وها أنا ذي أقرأه بعد وفاته، الكتاب عبارة عن سيرة ذاتية للإعلامي الشهير، يتحدث فيه عن مشوار حياته المديد منذ أن ولد في قرية المنوفية، تنبهت إلى ما كتبه عن زيارته لقارئ الكف الشهير وكان وقتها طالباً في الجامعة، حيث التقى محمد جعفر في شقته بشارع قصر العيني، وكان بعض رفاق قنديل قد أقنعوه بأن قراءة الكف علم قديم راسخ، وأنها شيء مختلف تماماً عن ضرب الودع أو تحضير الجان أو فتح المندل، وكان أن دفع حمدي قنديل جنيهين اثنين في تلك الجلسة، وذلك في أواسط الخمسينيات.

ويذكر قنديل يرحمه الله في كتابه أنه لم يكن يعي شيئاً مما قاله محمد جعفر، سوى أنه تنبأ لهُ بأنه سيموت في الخارج ويدفن في مصر، واعترف قنديل بأن هذه النبوءة قد أزعجته لوقت طويل فيما بعد، خاصة أنه قضى حياته متنقلاً من مكان لآخر، لذا، ما أن انتهيت من قراءة هذه السطور إلا وبحثت عن مكان وفاة حمدي قنديل، وكنت متأكدة أنه قد مات في مصر، لكنني أردت التأكد أكثر، لكي أقنع نفسي بأن كل ما يقوله الآخرون لنا، حتى لو كان عبر قراءة فنجان قهوة ما هي إلا خرافات، وأن يجب علينا جميعاً أن نتوقف عن القلق والخوف، والسعي وراء من يخدعنا بعذب اللسان بقدرته الفذة على معرفة الغيب، سواء بخطوط الكف أو ضرب الودع وغيره من الأعمال البدائية.

لقد توقع قارئ الكف الشهير محمد جعفر بأن حمدي قنديل سيموت خارج وطنه، لكن الحقيقة أنه توفي في مصر عن عمر ناهز الـ 82 عاماً، بعد صراع مع المرض، وهناك قصص عديدة لأناس بلغوا من الشهرة ما لا يتوقعه العقل، ورغم ذلك انهزموا أمام عبارة قالها لهم أحد العرافين. وقد سبق أن قرأت قصصاً مثيرة للضحك والشفقة، عن عرافيين ظهروا على السطح، ليصرحوا بأقاويل زائفة بأن لهم اليد في مقتل عدد من رؤساء العالم، كما حدث مع وفاة الرئيس المصري جمال عبدالناصر على سبيل المثال، حينما ظهر أحد الحاخامات الإسرائيليين عام 2009، ليزعم بأنه السبب وراء وفاة عبدالناصر، حيث قام وبمساعدة ثلاثة من الحاخامات بعمل الطقوس المطلوبة من السحر الأسود، للتخلص من الرئيس المصري الراحل، ويضيف الحاخام المعتوه بأنه قد هبط عليهم عدد من الملائكة وهم يقومون بكتابة الأسماء القدسية على الكبد، ليحذروهم من الفعل إلا أن طلب الحاخامات كان واضحاً، ألا وهو موت عبدالناصر ومحو اسمه من سجل الأحياء.


إنها خرافة المعتوهين، مما لا شك فيه.


[email protected]