الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

العرب .. وعلم الطاقات التسع

العرب .. وعلم الطاقات التسع
الإشكاليّات الكبرى المتعلقة بعلاقات الوجود والتدافع بين البشر، ترتكز ــ في الغالب ـ على ميراث التأسيس النظري في عالم الأفكار والقيم، ويتم تسويقها على خلفية التجارب المتراكمة، منها ما يُعمَّر، ومنها ما ينتهي قبل بلورة مواقف ثابتة أو متغيرة، لكن جميعها ذات صلة بما يعرف بــ«علم الطاقات التسع»، الذي هو بالأساس ياباني، وقائم بدوره على علم الطاقة الصيني.

يستند هذا النظام إلى فهم الطاقة المحيطة بكل الأشياء والمتدفقة عبرها بما فيها جسم الإنسان، وتعرف الطاقة بــ«تشي» في الصين، و«كي» في اليابان وكانت تعرف باسم«إلكترا» في روما القديمة، ويستخدم نظام الطاقة هذا، تاريخ الولادة لتحديد الشخصية والخواص العاطفية للتكوين الصحي للإنسان، كما أشار إلى ذلك العالم الياباني ميتشو كوشي في كتابه «علم الطاقات التسع». لست أدري إن كان في مقدور العرب اليوم توظيف العلم السابق لفهم علاقاتهم المشتركة أوَّلاً، وعلاقتهم مع الآخر القريب أو البعيد ثانياً، فتاريخ ولادتهم سواء يوم أن كانوا أمة عاربة أو مستعربة محل تساؤلات، بما فيها تلك المتعلقة بالمزاوجة بين القوة والحكمة كما هي في تجربة الملكة بلقيس، فما بالك بحاضرهم، الذي يكشف عن أمراض جمة، يتطلب علاجها عقوداً من الوعي بالمصير؟

ومع ذلك، فإن هناك استثناءات عربية واعدة، تعمل بوعي على تغيير الصورة النمطية للعرب، وتقلل من تبعات الحمولة المزيفة لأفعال أفراد وجماعات، أسهمت ـ بعد أن ألبست إيمانها بظلم ـ في تدمير الطاقة الكلية للأمة، خاصة في جانبها الوحي، ولولا تمكن الفطرة بمعناها العقدي من قلوب العامة ـ رغم أمّيتها ـ لكان الإيمان يحلق بعيداً، باحثاً عن استخلاف من أمم تصنع المدنية من خلال تقديم إجابات هي أقرب إلى اليقينيات منها إلى الظنون.


قد يرى بعض من الذين ينفرون من أي تقارب حضاري ومعرفي، أن الـتأثر أو حتى التفاعل مع الثقافات ذات المنبع الآسيوي، لا يختلفان من جهة تبعية العرب للآخر، بما يمثل ذلك من امتداد لقابلية مسبقة للغرب بشقيه الأمريكي والأوروبي .. فالفضاء الجغرافي، والميراث المشترك من الفلسفات، وصيغ التعايش التي اعترفت بالتنوع ما بين سكان قارة آسيا على اختلاف مللهم ونحلهم، جميعها غير ذات جدوى عندهم، لكن هذه الأحكام المسبقة والجاهزة، والمُشكّلة لزيف علني يحسبه الذين اختاروا الندب والبكاء حقائق مسلماً بها، لا تلهي العرب، وهم مقسمون، على أن ما ينهض بعض الأفراد أو الجماعات منهم، هو بلا ريب بداية موفقة لميلاد طاقة فكرية، قد تكون ـ على خلفية ما تحقق في الماضي ـ أكبر وأكثر تأثيراً من علم الطاقات التسع.


[email protected]