الخميس - 18 أبريل 2024
الخميس - 18 أبريل 2024

سوريا .. والخيار العربي

الخيار العربي يجب أن يبقى مطروحاً أمام الدولة السورية بغض النظر عمن يحكمهالا خلاف على أن ما يحدث في سوريا منذ سبع سنوات ليس بالأمر الذي يمكن أن ينهيه اتفاق أو تسوية سياسية هنا أو هناك، بغض النظر عمن انتصر أو خسر، فملايين اللاجئين والنازحين والمكلومين لن تمحى ذاكرتهم بهذه البساطة، وسيبقى التاريخ شاهداً على حرب حافلة بالقسوة والألم، وستبقى قصة الدم فصلاً من فصول الحكاية السورية لعقود مقبلة.

وبرغم مرارة الحكاية، فإن سوريا تعيش اليوم وضعاً معقّداً، ومعطيات باتت شبه محسومة في مناطقها المختلفة، ولأن المنطق يستوجب التعامل مع الواقع لا مع التمنيات، فإن الوجود الإيراني في سوريا لم يعد تدخلاً، بل أصبح تغلغلاً في مفاصل الحياة السورية بكل تفاصيلها، وها هي طهران تعلن تحقيق 90% من أهدافها في سوريا، وفي الشمال تستبيح تركيا الحدود بلا رادع، وتفصل على مقاسها مناطق آمنة، وكأن لا أرض ولا حدود عليها احترامها، وفوق هذا وذاك يقف الدب الروسي موقف المسيطر الذي يرسم اللوحة دون تدخل من أحد.

وهنا علينا أن نقف وقفة صريحة مع أنفسنا، ونتساءل: هل ابتعادنا عن الدولة السورية، وتجميد عضويتها في جامعة الدول العربية كان موقفاً حكيماً؟ وهل التخلي عن الساحة السورية وتركها لمن يريد أن يملأ الفراغ كان قراراً منطقياً، أم كان عاطفياً واستجابة لهتافات الشارع؟، وهل ما ذهبنا إليه من قرارات هو ما أفسح المجال للدور الإيراني والتركي لتسيّد الموقف، وتنفيذ أجندات الدولتين في سوريا؟.


أن تترك مقعدك في السياسة والحرب، يعني أن غيرك سيجلس مكانك ويقرر عنك، ومن هنا فإن الخيار العربي يجب أن يبقى خياراً مطروحاً أمام الدولة السورية بغض النظر عمن يحكمها، وليس من الحكمة أن نواصل تجاهل المعطيات والواقع، ونبقى في صفوف المتفرجين بعيداً عن دمشق، ونتركها للآخرين ليقرروا مستقبلها ومستقبل شعبها العربي.


سوريا مقبلة على تسوية سياسية طال الزمان أم قصر، ومَن يتحدث في مستقبل سوريا الآن هم ثلاثة أطراف فاعلة ميدانياً، هي روسيا وإيران وتركيا، لذا فإن الحضور العربي سيعمل على موازنة القوى ويخفف قدر الإمكان من طموحات مفاوضي الطاولة المستديرة، ولا نقول يوقف طموحاتهم، إذ سبق السيف العذل، فإيران باتت في قلب دمشق.. باختصار لا تتركوا سوريا نهباً للأطماع الإقليمية كما تركتم العراق قبلها.