الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

أنت عالم لغات

أنت عالم لغات
قبل سنوات عديدة شاهدت عرضاً مسرحية بعنوان «مارش» للمخرج اللبناني عصام أبو خالد، اشترك فيه عدد من الممثلين على الخشبة ليعرضوا فكراً، يرطنون بلغة لا أصل لها ولا تعني أي معانٍ، ولكن كل من شاهدها استمتع بصورة جعلته يصفق طويلاً في نهاية العرض، ويخرج وهو يلعن الحروب وعبثيتها، كان عرضاً مفهوماً؛ بلا نصٍ محكي، حينها أدركت أن الرسالة والمعاني يمكن أن تصلنا بلغات عديدة، واكتشفت أننا نتخاطب فعلياً بلغات لا حصر لها، المنطوق منها واحدٌ من كم.

في الماضي كانوا في الحروب يستعملون الطبول والبوق لمخاطبة الجند، عند العرب، ألم تكن النار إلى جوار منزل تعني أنها دار كرم، وما النار إلا دعوة للقدوم وتناول الطعام والشراب، ولا يخفى علينا لغة الصم والبكم التي انطلقت من فرنسا في القرن الثامن عشر، وقد طورها الأمريكيون لتنتج لغة «أميسلان» التي انتشرت عالمياً، فبعد أن كانت كل إشارة يقابلها حرفاً هجائياً، أصبحت الإشارة تعني كلمة كاملة أو معنى.

كما أن هناك لغة خاصة لتدريب الحيوانات كالقردة والكلاب، وهناك لغة للّوحات الإرشادية، فأنت تفهم من خلالها أن هنا مطعماً أو مشفى، أو مكاناً خطراً ومحظوراً، إضافة للّوحات المرورية التي تخاطبك وتنبهك وتحذرك وتُعلمك بالمسارات والاتجاهات بلا كلمات.


أليست الموسيقى أيضاً لغة يفهمها الجميع على اختلاف لهجاتهم، فهي لغة تتجاوز الحدود السياسية والاجتماعية وتصل إلى روح الإنسان الفطرية، وللألوان لغة تقول مقولتها دون حوار، وللزهور لغة، وهناك لغة الجسد، وهي محل بحث واهتمام كثير من الفئات على رأسها محقق الشرطة والتحريات، وعلى خشبة المسرح تلعب لغة الجسد دوراً درامياً مهماً.