الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

قبعة فيرمير

لم أكن أعرف عن الفنان الهولندي يوهانس فيرمير غير أنه مبدع اللوحة المعروفة (الفتاة ذات القرط اللؤلؤي) التي تحولت إلى فيلم سينمائي من إخراج بيتر ويبر، حتى وقع بين يدي كتاب (قبعة فيرمير) لتيموثي بروك، الصادر عن مشروع كلمة في أبوظبي لأقترب معه من عالم هذا الفنان وثقافة عصره.

لم يكن الكتاب يتحدث عن حياة فيرمير كما توقعت، لكنه أتخذ من بعض لوحاته مدخلاً لقراءة أحوال العالم في القرن السابع عشر، حيث لم يتجاوز سكان هذا الكوكب نصف المليار إنسان، وحيث تدشين واحدة من (العولمات) التي عرفها العالم في تاريخه.

الكتاب رحلة في غاية الإمتاع، وهو من الدراسات الثقافية النادرة، التي يجتمع فيها الفن والاقتصاد والسياسة والجغرافيا، كما تتداخل فيه الأنثربولوجيا مع علم الاجتماع وتاريخ الفن والعمارة والفلسفة والأدب في لغة برع المترجم الدكتور شاكر عبدالحميد في نقلها إلى العربية.


اختار المؤلف خمس لوحات لفيرمير ولوحتين لزميلين له من مدينته دلفت، كما قدم لها قراءة فنية تنم عن خبرة فائقة، تشوق المتلقي لرؤية هذه الأعمال والاقتراب من إبداع هذا الفنان.


إذ توزعت الأعمال التي أنشغل بها مؤلف (قبعة فيرمير) بين منظر لمدينة دلفت، وامرأة شابة تقرأ خطاباً، والعالم بالجغرافيا، وامرأة تمسك بالميزان. وبعد تحليل للضوء والظل والسطوح وملمسيتها، ينتقل للحديث عن الأثاث والأغراض التي تظهر في هذه اللوحات، ويتناولها كعلامات تجارية وثقافية لهولندا والعالم الأوروبي وعلاقته التجارية بالصين في ذلك التاريخ البعيد والجغرافية البعيدة.

في هذه الأيام، التي أنهيت فيها من قراءة (قبعة فيرمير) يقوم متحف اللوفر في أبوظبي بردم الفجوات التاريخية والجغرافية، ويقدم لنا معرضاً يضم أعمالاً مختارة لفيرمير ورمبرانت. ارفع (قبعة فيرمير) لإدارة المتحف، وأنا أغتنم الفرصة للاقتراب من هذين الفنانين العظيمين.