الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

ثلاثيّة التغيير

حين قرأت كتاب الباحث الياباني بواكي نوتوهارا «العرب وجهة نظر يابانية»، لم أصب بصدمةٍ ولم أستغرب وصفه «العرب متدينون جداً.. فاسدون جداً»، ومع أنّ المبالغة في التعميم على مجملهم خاطئة وظالمة؛ إلا أن الفكرة العامة وفي أطر بعينها صحيحة، فلو عدنا إلى مقولة ‏علي الوردي «لو خيروا العرب بين دولتين علمانية ودينية... لصوتوا للدولة الدينية وذهبوا للعيش في الدولة العلمانية..!»؛ لوجدناها هي الأخرى تصب في نفس الإطار وإن عكست نمطاً آخر، وهذا يحدونا أيضاً أن نتذكر المقولة المنسوبة للشيخ محمد عبده عندما ذهب لمؤتمر باريس عام 1881، والتي اشتهرت بعد عودته لمصر حين قال: «ذهبت للغرب فوجدت إسلامًا ولم أجد مسلمين.. ولما عدت للشرق وجدت مسلمين ولكنني لم أجد إسلامًا".
لو فتحت الباب لاقتباس المزيد من الأقوال فلا أظن المساحة قد تكون كافية لذلك، ومع وضوح الفكرة من الاستشهاد، لا داعي لأن أبدأ بجلد الذات والتنظير، فالجميع قد ملّ وأنا منهم من هذا السلوك الذي بتنا نجيده أكثر من الإصلاح، فرغم كون الاعتراف بالخطأ أولى خطوات إصلاحه، إلا أن التغيير لا يحصل باللطم ولا يمكن حصر قوة الدين بالوسيلة الوحيدة لإحداثه، والدليل أن أكثر الدول العلمانية واللا دينية هي الأكثر أخلاقيةً واستشهاداً من الجميع بأخلاقهم واحترامهم لمنظومة القيم والعدل، وجميع ذلك لا يعني قصوراً من الدين، فجميع الأديان والمذاهب إلاّ القلة قامت بمبادئها على الدعوة للخير والنظام والإنسانية، إلا أن ذلك لم يمنع معتنقيها من بدائيتهم وفسادهم وعنصريتهم وطبقيتهم وتشددهم المنافق الذي لا يعكس حقيقة تصرفاتهم! جوهر القضية هو القانون، فبدولته يُحكم البشر، وبه عبر منظومة التعليم يتم تأصيله، كما أنّ تطبيقه الذي لا يعرف المهادنة والمحاصصة هو ما يلزم اتباعه، لذا وبعد أن يتقمص الشعب روحه، يتحول لسلوك هو في الواقع ما يميز معتنقيه من مواطنين بلدان نتغنى بحرياتها ونتمنى العيش فيها دون أن نحاول حتى الاقتداء بها والتعلم منها! الدين وهنا أتحدث عن الإسلام منظومة متكاملة للحياة، ومنهج لم يترك شقاً إلا وغطاه، لكن الالتزام بتعاليمه والظهور به لا يعني الصلاح المجتمعي ما لم يتوافق مع قوانين صارمة وعقوبات فورية قانونية تؤطر للنظام ووجوب احترامه، والشعب الذي يبدأ صلاحه بالخوف من العقوبة ينتهي بنمط حياة لأجياله القادمة.
جوهر القضية هو القانون فبدولته يُحكم البشر وعبر منظومة يتم تأصيل التعليم