الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

معرفة الصوت

من خلال الانصات إلى «صوت المعرفة» نتمكن من «معرفة الصوت» وأشكاله المختلفة، وإن لم تملك المعرفة صوتاً مسموعاً في حقيقة الأمر، تبقى معرفة الأصوات أهم ما في الفعل الماضي والحاضر والأمر، ولهذا اهتم العلماء العرب بدراسته قديماً، وبتمييزه سواء كان مفعماً بالموسيقى أو باهتاً عديماً.

يصدر (الصوت الصَّدِي) نغمةً ما ثم ما يلبث سريعاً أن يُكدّرها، فيشعر المستمع إليه بصدى غريبٍ نتج عمَّن يصدرها، وأحياناً يصعب عليه أن يدرك قيمتها أو أن يُقدِّرها، بينما يبدو صاحب (الصوت المختنق) مخنوقاً من طبيعة اسمه، وذلك من كثرة «النحنحة» حتى تضيق منه مخارج السمع ذاته رغم الاتساع والبحبحة.

في المقابل يمتنع (الصوت المغتص) عن التنفس العميق وحتى عن بلع ريقه، فيتقطع حديثه الرقيق إلى أن يفقد بريقه، ليؤكد (الصوت الأخن) أنه ذو أنفٍ مغلقٍ ومسدود، ومختلفٌ عن (الصوت القطيع) الذي لا يُسمع إلاّ بحدود، حيث لا تكتمل معه أي جملة، وإنما تنتهي فيه المهلة.


أما (الصوت النابي) فيشذ عن الأصوات في المراسلات، بغض النظر عن أهمية أو ماهية الكلمات، وهو يشبه (الصوت المبلبل) الذي تختلف فيه النغمات، بل وتزول عن أماكنها ومواقعها الصحيحة، فلا تظهر الألفاظ بالصورة الواضحة الصريحة.


ومن الناحية الأخرى، يتفرع (الصوت الرخو) مرة أخرى، بعيداً عن (الصوت التصييح) المعروف بفتق الحلق عن الوتر، والخروج عنه والدخول إلى الخطر.

وبحسب الظروف وبسبب نوعية الصوت وماهيته، يفقد المعنى ملامح وجهه وهويته، فقد يستحسن البعض القبيح من الكلام، وقد يستقبح البعض المستحسن من الكلام، فيختلط الحابل بالنابل وتصبح الدنيا كالقنابل، لكن في الحقيقة؛ لا أحد يكترث أو يأبه أو يهتم بجمال صوتك أو باختيارك للنغم، طبعاً في حدود المعقول، فالأهم هو مخاطبة القلوب والعقول بأسلوبٍ يبين بوضوح مفهوم ما تقول.