الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

كل البدايات

انهمر المطر وقتل إرهابيّ قرابة الخمسين بريئًا في المسجد بصورة وحشية بشعة، حادثتان وقعتا حين أنهيت رواية «اللامنتهي في راحة اليد» للكاتبة بيللي من نيكاراغوا.

تنتهي روايتها بـ «وهطل المطر» الأمر الذي لم يكن أول الصدف العجيبة التي واكبت قراءة الكتاب. علينا نتفق أولًا أني أنصحكم بقراءته وبشدة. مع أنه بعيد في تأويله عن الخطاب الديني ورؤية الأديان للأمر، إلا أنه قربني من الله وزرع داخلي حالة لذيذة من الانقطاع والخشوع والزهد في الدنيا.

تتحدث الرواية عن طرد آدم وحواء من الجنة بعد أكل الثمرة المحرمة. عن معنى الجنة مقابل الحياة والموت. عن ممارسة الموت، عن القتل الأول، عن الولادة الأولى عن كل البدايات. تروي معاني الخوف والوحدة والجوع والألم والمرض والبرد كما يجب أن تكون، كما كانت هشة طرية ونيئة في أول اختبار لها وإحساس لها، في أول الخلق.


تصف أول دورة للفصول الأربعة، علاقة الحيوانات ببعضها بعد أن طُرِدت هي الأخرى من الجنة وكان عليها أن يأكل بعضها بعضاً ويفترس بعضها بعضاً.


عن شكل الحب الذي ترجمته الأرض وكيف يكون بعيدًا عن كمال البشر في الفردوس. عن معنى أن نكون بشرًا وأن يكون أحدنا إنسانًا.

تسأل الرواية وتحاول الإجابة عن السؤال الذي طالما طرق عقلي وأسر فضولي، لماذا نحن هنا؟ بكل ما يعنيه ذلك، هنا خارج الجنة، وهنا على قيد الوجود والخلق.

لا يبدو لي الإنسان اليوم أقرب إلى الفردوس أو الكمال أو البدايات. ما يخيفني أكثر، أن بداية آدم وحواء بوحشتها على أرض مجهولة بكل ما عانياه وحيدين من ألم وجوع وخوف، يبدو أفضل بكثير مما نراه اليوم وما يحدث.