الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

معالي الخط المباشر!

تتراجع أسهم برامج الخط المباشر بعد سنوات من تحقيق أرباح كبيرة سواء للبرنامج أو المتصلين، فقد بدأت هذه الظاهرة تخرج عن مسارها، ولم تعد بوابة الحل الفوري فائق السرعة، لأسباب بعضها من صنيعتها، والبعض الآخر لأسباب تتعلق بظهور وسائل أكثر تأثيراً مثل منصات وحسابات السوشيال ميديا، وهذه الأخيرة بدأت تقول كلمتها، وسوف يكون لها تأثير كبير في المراحل المقبلة.

التاريخ يقول: إن جون كينيدي حسم الانتخابات الأمريكية على حساب ريتشارد نيكسون عن طريق المناظرات التلفزيونية والإذاعية في بداية الستينيات من القرن الماضي، في حين تربّع دونالد ترامب على عرش الرئاسة الأمريكية بعد أن استخدم السوشيال ميديا في التفوق على هيلاري كلينتون التي لجأت للصحافة والتلفزيون والإذاعة وإعلانات الشوارع، وفي صيف 2010 أعلن الأسطورة لاري كينغ الاعتزال على الهواء مباشرة بعد عقود من التألق، فقد أدرك أن البدائل الأقوى فرضت نفسها، وقرر الرحيل احتراماً لربيع تألقه.

بالعودة إلى الأسباب التي تهدد استمرار برامج الخط المباشر لدينا، والتي صنعتها بنفسها، فهي تتعلق في المقام الأول بخروجها عن مسارها وآليتها التي اعتدنا عليها، فقد أصبح المذيع يتلقى الشكاوى، ويقترح الحلول ويدخل في مناقشات حامية، تبلغ في بعض الأحيان تعنيف المتصل، متناسياً أن دوره يجب ألا يخرج عن أن يكون حلقة وصل بين الشاكي والمسؤول، وهذا التنمر الإذاعي يضع حاجزاً بين الجمهور وبين معالي الخط المباشر.


نعم هناك حالة من التعالي والغرور في التعامل مع المتصلين في بعض الأحيان، صحيح أن بعض الشكاوى لا تستحق أن تحصل على فرصة الظهور على الهواء، ولكن يجب أن يكون التعامل الراقي حاضراً في كل الأحوال، وبحكم متابعتي لبرامج الخط المباشر الأجنبية في الدولة، أرى أنها لا تخرج عن حدود النقاش الإيجابي من الطرفين، والأهم أن هذا يحدث وفق إطار من الاحترام المتبادل.


على أي حال يجب على المجتمع بأكمله ـ حكومة وإعلاماً وأفراداً ـ أن يتعاون للعثور على مزيد من الوسائل والأدوات والآليات التي تضمن وصول المشكلات إلى الجهات القادرة على التفاعل معها وحلها، وربما تكون الضجة التي حدثت خلال الأيام الماضية حول أحد برامج الخط المباشر، بمثابة الحجر الذي سيحرك المياه الراكدة، وينعش آليات التفاعل مع مشكلات المواطن والمقيم والعمل على حلها.