الثلاثاء - 23 أبريل 2024
الثلاثاء - 23 أبريل 2024

الذي صعد البئر

يحكى أن مسافرًا أحس بعطشٍ شديد أثناء سيره الطويل في صحراء قاحلة. توقف بعد مدة على إحساس برودة ماء يلامس قدميه الحافيتين. كان الماء ينبع من بئرٍ قريبة. اقترب الرجل غير مصدقٍ ما يرى من البئر ليطفئ عطشه ليكتشف أن ماء البئر يصعد إلى الأعلى، مما يجعل من المستحيل الشرب منه.

وقف المسافر حائرًا حزينًا حين برز أمامه توأم متلاصق لرجل وامرأة طاعنين في السن. تحدث التوأم بما لا يشبه صوت الرجال أو النساء، معاً وفي وقتٍ واحد. أخبراه أنهما ورثا لعنة من والدهما الذي بخل على المسافرين أمثاله بالماء. أنهما أكثر الأشخاص عطشاً على وجه الأرض، وأنهما حارسا هذه البئر.

علم المسافر منهما أنه وعلى مدار المئات من السنوات التي خلت لم ينجح أحد في الشرب من مياه البئر. قبل التحدي بأن يكون الناجح الأول. أخذ مفتاح البئر من العجوزين. وجد المسافر حجرة دائرية بجدران ملساء تنتهي في الأعلى بمياه شهية. تسلق الجدران بسهولة وشرب من المياه حتى ارتوى. لم يصدق أنه نجح بهذه السهولة في ما فشل فيه الكثيرون قبله. في تلك اللحظة بالذات انقلبت البئر ليجد الرجل نفسه في صراع وسط المياه، حتى غرق.


«حكاية المسافر الذي صعد البئر» هي إحدى حكايات مجموعة الكاتب طارق إمام القصصية «مدينة الحوائط اللانهائية» .


سأترككم عند هذا الحد البسيط من المعلومات بخصوص المجموعة، لتكتشفوها بأنفسكم، إذ تستحق القراءة. لأتحدث عن مياه البئر المالحة التي تنقلب بأصحابها ذوي الأبصار التي لم تلمح المياه العذبة أسفل أقدامهم في البئر نفسه. هل كانت خدعة العجوزين في إيهامهما أن المياه أعلى البئر؟ أم هو العطش الذي يؤدي كالطمع إلى ضعف البصيرة والبصر؟