الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

أنت بما تعطي

العطاء قيمة عظيمة دون شك، وهو ينم عن كرم النفس، وطيبة القلب ودماثة الخلق .. إن من يجعل العطاء مبدأ من مبادئ حياته، هو كمن يفتح نافذة واسعة من الخير على هذه الحياة، لأن العطاء للفقراء والمحتاجين هو فتح نافذة من الأمل في قلوبهم، هو مساعدتهم على التغلب على ظروف الحياة وتقلباتها، وكل ما نقدمه وما نعمله في حياتنا من العمل الصالح أو الطالح تجاه الآخرين سيرتد علينا إما إيجاباً أو سلباً، هذه سُنة الحياة، وأيضاً هذا ما نشاهده وما نقرأه وما نسمعه من قصص مذهلة عن أناس وجدوا مفاتيح من الخير وجزاء المعروف بما كانوا يقدمونه للناس، وأيضاً نسمع ونقرأ سوء العاقبة لكل من أخطأ وتجنى على الآخرين.

هذا هو الحال مع العطاء، فكيف هو الحال بمن يبخس الناس أشياءهم، بمن لا يعطي الناس حقوقهم ويتهرب من منح الأجير أجره، كمن لديه عمل تجاري فيوقف تجارته ويطرد عماله ولا يعطيهم رواتبهم المتبقية ولا يلتزم بتنفيذ بنود العقد معهم، والحال نفسه بمن لا يعطي مكافأة لمن قدم معروفاً غير مطلوب منه أو لمن قدم عملاً جليلاً يستحق التكريم فيجد التجاهل، هذه جميعها أعمال وممارسات لا تنم عن إنسانية ولا تدل على احترام للحقوق ولا للإنسانية .. في هذا السياق أورد قصة عن الكاتب والفيلسوف الفرنسي الشهير فولتير، جاء فيها: «إنه بينما كان متوقفاً على ضفاف نهر التايمز، شاهد أحد الأثرياء وقد وقع في الماء ويطلب النجدة وكان على وشك الغرق، حيث قام أحد المارة وكانت تظهر عليه علامات البؤس والفقر، بالقفز في النهر وأنقذ الرجل الثري وسحبه إلى ضفة الماء، تجمع المارة يهنئون الثري على السلامة، ويشيدون بمبادرة وشجاعة هذا الفقير، فقام الرجل الثري ومنح الفقير بضعة بنسات من المال، وأمام ذهول الناس من جشعه وطمعه وبخله، حيث يقدم مالاً قليلاً لرجل محتاج وفقير أنقذ حياته، ويفترض أن يمنحه بعضاً من الذهب، لكن بخله منعه، فما كان من فولتير إلا أن يقول للناس الذين يوشكون أن يضربوا الرجل الثري: هدئوا من غضبكم أيها السادة، إن الرجل يعرف أكثر من غيره كم تساوي قيمة حياته».