الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

هذه المعلومات كنوز

هناك كشف تاريخي عظيم أثر في البشرية برمتها بل هو الذي أسهم بشكل قوي في نقلها من مراحل بدائية إلى التقدم ووهج المعرفة والتقنيات والتطور الحضاري، ورغم أهميته وعظمة فائدته فإنه لا يكاد يذكر ولا يتوقف عنده الكثيرون من الناس، وعندما يشار إليه يشار إليه بشكل عابر وسريع.

وأقصد تحديداً اكتشاف الإنسان أهمية حفظ المعلومات وتدوينها، والتي بدأت منذ وقت مبكر من تاريخ البشرية، رغبة الإنسان منذ الأزل في التوثيق والحفظ كانت ماثلة وواضحة وعلاماتها وآثارها موجودة ونراها في المتاحف وداخل الكهوف القديمة التي سكنها الإنسان منذ الأزل، وتتمثل في كل تلك الرسومات والنحوت التي تركها للأجيال التالية.

علماء الآثار والمنقبون درسوا الكثير من تلك الآثار، وخرجوا بكثير من التفسيرات والآراء، ومنها أن تلك الرسوم والنحوت ليست عبثية أو أنها خيال، رغم ما يظهر فيها من مهارة فنية، لكنها احتوت على عمق معرفي، حيث تظهر رموز وعلامات تحمل دلالات ومعاني عن فصول جوانب حياتية مهمة.


وكأن هؤلاء المبدعون يشيرون إلى الأوقات المناسبة للزراعة أو أوقات هطول الأمطار ونحوها من المعلومات، فضلاً عن هذا هناك منحوتات توضح طرق صيد الحيوانات والأدوات التي تستخدم.


ومن خلال الخبرة وتراكمها، أدرك الإنسان قوة حفظ المعلومات، فهذا الحفظ هو الذي يقود نحو التطور، فما يتم اكتشافه ويتم استخدامه بشكل بدائي في أول الأمر سرعان ما تأتي الأجيال التالية وتستمر في التطوير والعمل على مثل هذه المخترعات بالمزيد من الابتكار، وهذه هي القصة الكبرى في تاريخ البشرية، والتي تتكرر في كل حقبة وحضارة، حيث تجد كشوفاً ومخترعات مذهلة تم حفظها وتوثيقها، وجاءت الأجيال التالية ولم تستخدمها وحسب بل إنها أضافت لها المزيد من التطوير وإدخال تحسينات وجوانب تطورية فيها، ولكم أن تتخيلوا لو أن كل حضارة أو كل حقبة زمنية تتلاشى وتنتهي دون حفظ ودون توثيق ودون أي اهتمام في نقلها للأجيال التالية، فما الذي سيحدث؟ مؤكد أنك ستشعر وكأن الناس يقومون بتكرار الأساليب نفسها دون أي تقدم.