الثلاثاء - 16 أبريل 2024
الثلاثاء - 16 أبريل 2024

ثورة وحلم لم يكتمل

في زيارتي الأخيرة للسودان لحضور اجتماعات الصحافيين الأفارقة في الخرطوم في ديسمبر الماضي، كان المشهد في هذه المدينة الرائعة بأهلها الطيبين وتاريخها العظيم مثيراً للانتباه، وهو مشاهد الطوابير الطويلة، طوابير البشر وطوابير السيارات التي كانت تمتد لمئات الأمتار، المشهد الأول طوابير من السيارات على محطات البنزين، والآخر طوابير من البشر على أجهزة الصرف الآلي للبنوك، والمشهد الثالث طوابير من المواطنين على المخابز.

بعد أيّام تحولت تلك الطوابير إلى تجمعات للمواطنين في مناطق مختلفة من السودان، ومن ثم تحولت تلك التجمعات إلى احتجاجات ومسيرات للمطالبة بمحاربة الفساد، ما لبثت أن تطورت إلى مطالبات بتغيير النظام بأكمله من رأسه إلى أطرافه وأذرعه، وبالأمس استجاب الجيش لمطالب الشعب ليعلن وزير الدفاع «اقتلاع رأس النظام والتحفظ عليه في مكان آمن» ليصبح الرئيس عمر البشير في خبر كان، ويصبح كل المسؤولين في حكومته قيد الاعتقال وتتحول إدارة الدولة إلى مجلس عسكري يترأسه وزير الدفاع.

إلى هذا الحد يبدو وكأن الحكاية انتهت، وسقط النظام وحقق الشعب مراده وحقق التغيير الذي يريده، ولكن هذه ليست كل الحكاية، فيبدو أن هناك فصولاً أخرى في ثورة السودانيين بعدما اعتبر الكثيرون منهم أن ما حدث مجرد انقلاب عسكري للنظام على نفسه، وأن النظام يحاول إنتاج نفسه بشكل آخر، ما يعني أن الثورة لم تكتمل ولم تحقق أهدافها، وأن النظام يحاول أن يكون أذكى من الشعب في التغيير.


نظام السودان الذي سقط إعلامياً بالأمس، والذي يبدو أنه كان قد سقط من عين الشعب منذ سنوات، يجب أن يدرك كل مسؤول فيه أن استقرار السودان أهم من المناصب والكراسي، وأن حماية أرواح السودانيين هي الأولوية، وأن يدركوا أن آلاء صالح وأبناء جيلها من الشباب الذين خرجوا في الشوارع طوال الأشهر الأربعة الماضية لن يقبلوا إلا بأن تتحقق مطالبهم، فهذا الجيل الذي ولد وعاش في عهد البشير ونظامه ولم يرَ غيره رئيساً هو الذي يرفض هذا النظام، لذا أصبح من المهم أن يستمع النظام لجيل آلاء وأحلامه للمستقبل.