الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

العزلة التي نحتاجها

من وسط كل هذا السباق المحموم، ومع كل هذه الانشغالات والمهام الحياتية التي لا تكاد تنتهي ولا تتوقف، تظهر الحاجة لأخذ بعض الوقت لالتقاط الأنفاس، الحاجة لاستراحة محارب كما يقال.. لكنها استراحة لا تشبه أي توقف مماثل، بمعنى أن مثل هذه الاستراحة تتطلب توافر البعض من الاشتراطات لتكون مفيدة وذات جدوى ودون تحقيق هذه المتطلبات، فإن الخشية أن تكون إضاعة للوقت لا أكثر.. ولعل مثل هذه الحالة ظاهرة وواضحة عندما يأخذ أحدهم إجازة لبضعة أيام، ويقرر خلالها السفر وتمضية هذه الإجازة بعيداً عن أجواء العمل، لكنه عند عودته نجده يعاني من التعب، وحتى نفسيته مرهقة تماماً، وعند سؤاله كيف قضى الإجازة، تسمع التبرم والتذمر، وكما هو واضح فإنه لم يجد الراحة كما كان يمني النفس، ولم يجد الهدوء كما كان يأمل.

من الأهمية معرفة كيف نستريح وكيف نقضي الإجازة، ولعل أول خطوة، والتي اعتبرها بديهية، هي الابتعاد عن الروتين، الابتعاد عما كنا نمارسه ونفعله خلال أيام العمل، وأقصد تحديداً خلال الإجازة، يجب تغيير الروتين المعتاد مثل تصفح الإيميل والرد على مكالمات العمل، عندما نكون في إجازة فإن التوقف عما كنا نفعله هو أفضل قرار.. لكن الذي يحدث ونعرف جميعاً أنه يحدث، هو انشغالنا النفسي بالعمل حتى ونحن في إجازة، كثيرون فعلاً يأخذون إجازة بهدف الراحة، لكنهم في الحقيقة يتعبون أكثر لأن أذهانهم مشغولة بالعمل، فتجدهم يتصلون ويتابعون، إنه القلق الذي يشدهم ويجذبهم نحو العمل، وهذه الفئة من الناس تغفل عن جانب حيوي ومهم يتعلق بالعمل وتطويره، وهو أن أول خطوة لتطوره وتقدمه تتعلق بأخذ فسحة من الوقت للراحة والتأمل، العزلة مع النفس لبعض الوقت والابتعاد عن الروتين خيار يساعد على التطور والتقدم، فعندما يتوقف أحدنا ويلتقط أنفاسه ويعتزل الضجيج ويبتعد عن الزحام والروتين، هو كمن يعيد ترتيب الأفكار وينظم الأولويات، هو كمن يخرج عن المسرح وينظر للمشهد من الخارج ليتمكن من الرؤية الشاملة ثم التنظيم، لذا من الأهمية أخذ تلك الاستراحات على محمل الجد ومعرفة كيفية التعامل معها وبها.