الأربعاء - 17 أبريل 2024
الأربعاء - 17 أبريل 2024

كافكاوية

أردت أن أكتب عن عبلة كامل منذ زمن، لكن الشأن الأدبي دائماً يتفوق في موضوعاته التي لا تقبل التأجيل.

حين قررت الكتابة عنها هذا الأسبوع وجدتني أقرأ رسائل كافكا إلى ميلينا، المرأة الوحيدة التي أحب، والذي نجده معها من خلال رسائله إليها مختلفاً حقيقياً أكثر حتى مما يبدو في إصداراته الخالدة.

بين عبلة كامل وكافكا، وجدت أنه لا داعي لي للاختيار. هناك تشابه كبير جداً بين الموضوعين.


كافكا الذي أسس لمدرسة أدبية خاصة، الذي أحدث نقلة نوعية في الأدب، لم يشأ نشر كتاباته، إنما أوصى صديقه ماكس برود بالتخلص منها بعد وفاته عن عمر قصير. كتب كافكا ذاته. كتب الأمر الذي تجلى متخذاً كالحرباء أشكالاً وألواناً متعددة، يصب كله في ملمح علاقته المضطربة بوالده.


حين بدأتُ الكتابة، تحديداً روايتي الأولى النافذة التي أبصرت، لم أكن على دراية بأني أكتب رواية، كنت أهذي، أروي، أتشافى، أبحث عن أشياء كثيرة كلها ذاتي، أسأل، أبحث. كنت أفعل كل شيء في الكتابة إلا القلق بشأن النشر والطباعة وشكل الغلاف والقارئ والترجمة والجوائز. كنت أكتب حقاً.

أحاول المحافظة على هذه الهشاشة الكفكاوية اليوم كلما بدأت كتابة عمل جديد. الانعزال. أن أعيش الشخصيات والقصة لا لشيء إلا لاقتراف فعل الكتابة.

من يشاهد عبلة كامل في «لبيبة» في «امرأة من زمن الحب» و«وصال» في «أين قلبي» و«الحجة فاطمة» في «لن أعيش في جلباب أبي» و«فرنسا» في «خالتي فرنسا» و«ريا» في «ريا وسكينة» يصاب ببعض الخوف. لا يمكن إجادة هذا الكم من الشخصيات المعقدة المختلفة جداً بهذه الحرفية. عبلة كامل لا تتقمص كما لا تضع مساحيق التجميل. هي فنانة لا تعيش الشخصية، في الأمر بُعدٌ أعمق. شيء من كافكاوية خالصة.

توفي كافكا ولم يعش ازدهار أدبه. أما عبلة فحازت تقديراً دون حجم عطائها الفني، ولا أعرف إن كانت هذه سمة الخط الكافكاوي؟