الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

يوم في «اللوفر»

ذات يوم قريب..لا يشبه بقية الأيام التي أنهمك فيها بالعمل.. قررت أن أمنح نفسي استراحة وأكافئها بجرعة جمال، فلم أجد أفضل من فكرة التمعن بصمت في مقتنيات أول معرض فني للصور الفوتوغرافية بمتحف اللوفر أبوظبي، والذي كان يبعد عني ساعة ونصف الساعة.

كان الاستقبال فخماً كعادة أحداث فنية تقام في معالم كهذه، واكتظ المكان بالفنانين ومن بينهم عبد القادر الريس، أحد أهم الفنانين التشكيليين في الإمارات الذي دخل بسماحته وبشاشته.

حينما أُذن للمدعوين ببدء الجولة في المعرض، توقعت لحظتها أنني على وشك أن أرى ذلك الجزء الفاره من العالم بعدسة الأوروبيين، الذين اعتدنا أن ننظر لهم نظرة الاختلاف، بفضل الصورة النمطية التي تسود عقولنا!.


لم أدرك وأنا أتجول رفقة صديقة لي في معرض يضم أولى الصور في التاريخ، التقطت ما بين عامي ١٨٤٢-١٨٩٦، أنني سأشاهد صورنا..حياتنا.. بساطتنا.. حضارتنا.. تفاصيلنا.. بيئتنا.. والأجمل من هذا صورة للكعبة المشرفة بعين الآخر، وجميعها صور مأخوذة بعدسة المسافرين والرحالة في الشرق الأوسط وأفريقيا والأميركيتين وغيرها.


وجدتني مشدوهة صوب الإنسان في تلك الصور رغم اختلاف المواد والآلات المستخدمة للتوثيق، فكثير منها كانت لرجال ونساء وأطفال من المنطقة العربية.

أذكر حينها أنني انفصلت تماماً عن محيطي وصرت أحيك قصصاً في عقلي حول كل صورة وما عكسته من أثر في نفسي، حتى أنني انتقلت وجدانياً إلى تلك الأمكنة القابعة على الجدار.. وتخيلت نفسي صحبة تلك المرأة التي تقطن نيوفاوندلاند والتقطت لها صورة على ظهر سفينة بعدسة بوب إميل ميو.

تساءلت حينها حول قيمة صور «سيلفي» التي نلتقطها مقارنة بهذه الحقب الزمنية الموثقة في إطار تلك الصور.. ماذا ستخبر عنا غير النرجسية؟! نعم يحمل المعرض اسم «العالم بعدساتهم»، وفي الحقيقة هو عالمنا الذي نعيشه، وقد رأيته بأعينهم، فكانت النظرة مختلفة.