السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

حسن الظن

خلق حميد يعين على سلامة القلب وراحة البال، واطمئنان النفس ويخلصها مما يكدر صفوها، والحسن ضد القبح، والظن: شك ويقين، وجاء في القرآن والسنة بهذين المعنيين؛ فإن كان في سياق الإشادة والمدح كان يقيناً وإن كان في سياق الذم والقدح كان شكاً مذموماً.

وعرف العلامة الدكتور محمد حسن جبل الظن تعريفاً جامعاً بأنه: «اعتقاد قلبي (قائم على أمارات أو بحث ونظر) لكنه قد يتخلف، واحتمال التخلف ناشئ عن أنه يؤخذ من أمارات أو بحث، وهما عُرضة للغلط». وحسن الظن معناه: ترجيح جانب الخير على الشر. وأشهر أقسامه: حسن الظن بالله، وحسن الظن بالناس، وحسن الظن بالله واجب، ففي الحديث «إن الله تعالى عند حسن ظن عبده به، فإن ظن به خيراً فله، وإن ظن به شراً فله»، كذلك «لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله».

وهو أمر يورث الرضا بأن الله تعالى لا يريد بك إلا خيراً ولا يقضي لك قضاء إلا ويدخر لك الجزاء الأوفى؛ ظهر ذلك أو خَفِيَ، وحسن الظن بالناس يؤسس لعلاقات قوية لا تتهدم بمجرد سوء الظن، فكم من علاقاتٍ ساءت بسبب سوء النوايا وافتراض سوء الظن! وكم كلمةٍ قيلت وكانت تحتمل معنيين؛ رجح سيئَهما سوءُ الظن!


ولو أنك حملت المعنى على الخير لكان أفضل، وهذا حق الأخوة ومتطلبها، وكم موقفٍ كان يمكن تفسيره على الخير وحمله عليه، لكِنَّ سوءَ الظنِ والطبعِ دفع صاحبهما لحمله على خلاف ذلك! وصدق الله العظيم القائل: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ» ونهانا عنه نبينا الكريم بقوله: «إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ، وَلاَ تَحَسَّسُوا، وَلاَ تَجَسَّسُوا، وَلاَ تَحَاسَدُوا، وَلاَ تَدَابَرُوا، وَلاَ تَبَاغَضُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانًا». وبيّن الإمام الغزالي سبب تحريم سوء الظن بقوله: «إن أسرار القلوب لا يعلمها إلا علام الغيوب، فليس لك أن تعتقد في غيرك سوءًا إلا إذا انكشف لك بعيان لا يقبل التأويل فعند ذلك لا يمكنك ألا تعتقد ما علمته وشاهدته، وما لم تشاهده بعينك ولم تسمعه بإذنك ثم وقع في قلبك فإنما الشيطان يلقيه إليك فينبغي أن تكذبه فإنه أفسق الفساق» أعاننا الله تعالى على حسن الظن، وصدق الشاعر:


أَيُّهَا القَلْبُ لَا تَرُعْكَ الظُّنُوْنُ

وَعَسَى مَا تَظُنُّهُ لَا يَكُوْنُ

إِنَّ رَبًّا كَفَاكَ بِالأَمْسِ مَا كَانَ

سَيَكْفِيْكَ فِي غَدٍ مَا يَكُوْنُ