السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

شكراً رمضان

تلك الكلمة اليسيرة التي يبخل بها كثير من الناس على إخوانهم الذين قدموا إليهم معروفاً أو جميلاً، والشكر: «تعبير عن امتلاء النفس ورضاها بما قُدّم لها من خير»، وهو اعتراف بالفضل وتحدُّث به، صحيح أننا لا ينبغي أن ننتظر شكراً من أحد، لكنه لو حدث لكان له وقع محمود في النفوس، وتقريب لما بينها، وتقوية لوشائج المحبة بين الأصدقاء والخِلَّان، وقد اتصف الله عز وجل به فهو الشاكر والشكور، وشكره يعني إثابة عباده على طاعتهم على الرغم من عدم حاجته –تعالى- إليها، والشكر صفة الأنبياء والرسل صلوات الله تعالى عليهم، فكان نوح «عبداً شكوراً»، وإبراهيم «شاكراً لأنعُمه»، ولما سألت السيدة عائشة النبي عليه السلام عن سبب كثرة صلاته حتى تفطرت قدماه وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر- أجابها رسولنا الكريم بقوله: أفلا أكون عبداً شكوراً، ويكون الشكر لله وللناس، وشكر الناس الذي نفتقده أكد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: «مَن لا يَشكُرِ الناسَ، لا يَشكُرِ اللهَ» ونَفْيُ شكرِ اللهِ عمن لم يشكر الناس؛ بيّنَ القاضي عياض سبب ذلك بقوله: «إن من يُخِلُّ بشكر الناس مع شدة حاجتهم البشرية إليه جدير به ومتوقع منه أن يُخِلُّ بشكر الله وهو تعالى الغني عنه وعن عباده».

وصدق البحتري إذ يقول:

مَنْ لَا يُؤَدِّي شكْرَ نِعْمَةِ خِلِّهِ


فَمَتَى يُؤَدِّي شكر نِعْمَةِ رَبِّهِ


وقد أوصانا الله تعالى بقوله: «وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ»

وقيل أيضاً إن أهمية شكر الناس لأنها مما أمر به سبحانه، فمن لم يطاوعه في أمره لم يكن شاكراً لأنعُمه ولا معترفاً بفضله جل وعلا.

وفي رواية لهذا الحديث: «أَشْكَرُ الناسِ لله، أَشكَرُهم للناسِ»، قال العلماء في شرح ذلك؛ لأن النعم إما أن تكون بغير واسطة كخلق الله تعالى لنا، ومنها ما يكون بواسطة من خلقه، وهي كثيرة في حياتنا، لذا كان شكرهم واجباً أن أجرى الله تعالى نعمته على يدي فلان، هي دعوة إذن لشكر الناس لكل ما يقدمونه لك من معروف صغيراً كان أو كبيراً، وقد حثنا الرسول صلى الله عليه وسلم على ذلك ولو بقولنا له: جزاك الله خيراً، ففي الحديث: مَن صُنِعَ إليه معروفٌ، فقال لفاعله: جَزاكَ الله خيرًا، فقد أبلَغ في الثناء». فقل شكراً لوالديك ولكل من ساق الله تعالى لك خيراً على يديه.