الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

الحرب دراما طويلة

هناك أحداث تمر بنا تقف الكلمات عاجزة عن وصفها، وتجربة الحرب التي عشتها في مدينة بنغازي، بعد انتهائها اليوم، أجد نفسي لا أستطيع أن أنقل تأثيرها النفسي والعصبي في وفي من حولي.. فما معنى أن تجد الحياة توقفت بدون أن تكون لك يد في الخراب الناتج عنها ولا في الحرب قبل أن تضع أوزارها من بدايتها إلى نهايتها إن كانت قد وضعت فعْلاً؟، ما معنى أن تتلقَّى بشكل يومي خبر موت صديق أو جار، أن تشاهد الدخان والقذائف تتطاير فوقك وتقف منتظراً الموت؟.. أن يتوقف قلبك لحظة من سماع أصوات قوية بعد فترة من التجربة تستطيع تمييزها أي السلاح الذي انطلقت منه؟.. ما معنى أن تخاف كالأطفال من إغلاق باب غرفتك أثناء النوم، والسبب احتمال تلقيك قذيفة طائشة وكأن باب الغرفة سيمنعك من الخروج أو النجاة بحياتك؟.. الحرب دراما محزنة وكوميدية في الوقت نفسه.

عندما كنت أشاهد الدمار عبر شاشة التلفزيون لا أنكر أن الوجع يصل لقلبي ربما لحظات وبعدها أنسى، أو كما قرأنا في كتب الصحافة أثناء الدراسة نحن نتأثر بالأحداث القريبة بشكل كبير.

ليست مفارقة كبيرة أن أعيش في القرن الحادي والعشرين وأطبخ الطعام على الفحم ويرتفع سعر الفحم، فيكون الحطب هو البديل شيء مضحك وكئيب.


انتظار عودة الكهرباء ـ بعد الانقطاع ـ يشبه حاجتي لرؤية وجه حبيب لا أعرف متى سيأتي.. انتظر انقطاع الكهرباء لأرتب يومي وواجباتي العملية والبيتية.. من تجربتي أعتقد أن الأثر السلبي للحرب لا تستطيع الدراسات والبحوث أن تثبت مدى بشاعته.


هل يمكن التخلص من صدمة الحرب؟.. بحسب أطباء نفسيين لا يتم التخلص من آثار الصدمة بشكل كامل، بل يمكن التخفيف من وطأتها عن طريق زيادة الاهتمام، وإقامة التواصل والحوار البناء مع الذين لم يستطيعوا التخلص من الصدمة ليستعيدوا ثقتهم بمحيطهم، وإعطائهم تفسيراً منطقياً للواقع الذي وُجدوا فيه، وإعطائه حجمه الحقيقي، وهذا ما يمكنه أن يساعد على التخفيف من الصدمة والخروج منها بأقل ضرر نفسي ممكن.

ما يمكن الفرد من تحمل القدر الكبير من الخسائر البشرية والمادية هو عملية التأجيل كآلية دفاعية نفسية، أو من خلال إعطاء معنى سامٍ لما يحصل، ومن خلال النكران للخسارة للتخفيف من وطأة ما يجري.