السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

المسلم وما حوله

لم يغفل الإسلام العلاقة بين أتباعه وبين سائر المخلوقات حتى مع الجمادات وغير بني آدم! لا تتعجب، فالمسلم سِلْمٌ، والرفق طبع متأصل فيه، لا تنس أن تلك الجمادات تسبح بحمد الله: «وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ» (الإسراء)، وبكاء السماء والأرض ثابت في القرآن الكريم يقول الله تعالى: «فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ» (الدخان)، والجلود تنطق يوم القيامة وتشهد علينا بما فعلناه في الدنيا، والجبال تتصدع من خشية الله وتُدَكُ دَكّاً، «فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا»، وهذا جبل أحد يقول عنه النبي صلى الله عليه وسلم إن أُحُداً جبل يحبنا ونحبه، وسبّح الحصى بيد النبي صلى الله عليه وسلم حتى سمعوا له حنيناً كحنين النحل، تأمل كيف تعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع جذع النخل لما بنى الصحابة لرسولنا منبراً، وترك الجذع الذي كان يقف عليه خطيباً، سمع النبي والصحابة لجذع النخلة صياحاً وبكاء فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم فاحتضنه، وقال: لو لم أحتضنه لحَنَّ إلى يوم القيامة (أحمد)، نبي الرحمة يحتضن جذعاً رأفة به ورحمة! ويبخل بعضنا على بعض بالكلمة الطيبة والسلام، وفي الحديث أن الجبال والأشجار كانت تسلم على النبي صلى الله عليه وسلم في طريقه بينها، كيف لا نترفق بالحيوان؟ وقد غفر الله تعالى لرجل سقى كلباً، فشكر الله تعالى فغفر له، بينما دخلت امرأة النار في قطة حبستها فلا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من الأرض، ولولا البهائم لم نُمْطَرْ، وعندما دخل النبي صلى الله عليه وسلم بستاناً لرجل من الأنصار فوجد فيه جَمَلاً، فلما رآه الجمل جزع وذرفت عيناه، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم ومسح رأسه إلى سَنامه، فسكن، فسأل النبي عن صاحبه، فجاءه فتى من الأنصار، فقال له: أفلا تتقي الله في هذه البهيمة؟ فإنه شكا إليّ أنك تُجِيعُهُ وَتُدْئِبُهُ (تتعبه) (أحمد)، إنها دعوة لتحسين العلاقة مع مخلوقات الله تعالى فهم شهود علينا أمام الله، وممن يسعد بطاعتنا لله ويشقى بمعصيتنا له، وقد صح في الحديث: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرَّ عَلَيْهِ بِجِنَازَةٍ، فَقَالَ: (مُسْتَرِيحٌ وَمُسْتَرَاحٌ مِنْهُ) قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا المُسْتَرِيحُ وَالمُسْتَرَاحُ مِنْهُ؟ قَالَ: «العَبْدُ المُؤْمِنُ يَسْتَرِيحُ مِنْ نَصَبِ الدُّنْيَا وَأَذَاهَا إِلَى رَحْمَةِ اللَّهِ، وَالعَبْدُ الفَاجِرُ يَسْتَرِيحُ مِنْهُ العِبَادُ وَالبِلاَدُ، وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ» (البخاري)، جعلنا الله من المستريحين.