الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

الفشل ليس عربياً فقط!

بعد أن فشلت «تيريزا ماي» في الخروج من الاتحاد الأوربي واضطرها ذلك إلى الاستقالة، وبعد نتائج انتخابات البرلمان الأوروبي يوم 26 مايو الجاري، يكتشف أعضاء اتحاد القارة العجوز أنهم على أبواب دخول مرحلة تنافس غير مريحة مع العالم، قد تفقدهم مكانتهم أو تؤدي باتحادهم إلى التفكك، ما يعني أن الفشل ليس عربياً فقط.

يُعاني الاتحاد الأوربي اليوم صناعياً ومالياً وسياسياً.. ألمانيا وفرنسا تسعيان للتراجع عن خطأ عدم توطيد شراكتهما وتوحيد صناعاتهما، بعد أن أصبحتا غير قادرتين على مواجهة المنافسة الخارجية وهما معاً، فما بالك بهما منفردتين.

أكبر شركتين في مجال الصناعات المرتبطة بالسكك الحديدية (ألستوم) Alstom و(سيمانس) Siemens اكتشفتا أخيراً أنهما حتى عندما تندمجان، يبقى العملاق الصيني في مجال العربات والسكك الحديدية CRRC أكبر منهما بمرتين!.


قطاع السيارات الألمانية فخر الصناعة العالمية بدأ يعترف بأنه لم يعد رائداً في مجال السوق المستقبلي للسيارات الكهربائية أو سيارات غوغل ذاتية القيادة لشركة Waymo، أو البطاريات الخاصة بهذا النوع من العربات، إلى درجة أن حَذَّر الخبير العالمي «ديرك شوماخر»Dirk Schumacher من أن الاقتصاد الألماني سيفقد 33 مليار يورو كقيمة مضافة ناتجة عن صناعة السيارات ونصف مليون منصب شغل في حدود سنة 2030.


أما كل من شركة «نوكيا» و«أيركسون» اللتين كانتا رائدتين في بداية تسعينات القرن الماضي في مجال الهواتف الجوالة، فلم يعد بإمكانهما اليوم منافسة منتجات كبار مصنعي تكنولوجيا الجيل الخامس من الهواتف الذكية «هواوي» و«سامسونغ».

وفي جميع القطاعات لم تعد أوروبا تضم سوى 12 شركة عملاقة من بين الـ 100 الأولى في العالم، بعد أن كانت بها 28 شركة قبل عشرة أعوام، وزاد من ضعفها أنها لم تعد تستطيع الاعتماد على بريطانيا لمساعدتها في إنقاذ اليورو بعد البريكست، ولا على مساندة أي من الكبار، حيث أصبح الجميع يسعى لحماية نفسه.

وسياسياً ها هي اليوم الأحزاب اليمينية الشّعبوية المتطرفة الرافضة لاستمرار الاتحاد الأوروبي تحصل على121 مقعداً في الانتخابات الأخيرة، بـزيادة 22 مقعداً عن الفترة السابقة، وتحتل بذلك المرتبة الثالثة، مُتقدمة على تحالف الليبراليين والديمقراطيين من أجل أوروبا، أكثر المؤيدين لاستمرار الاتحاد، الذي لم يحصل سوى على 108 مقاعد مُحتلاً المرتبة قبل الأخيرة في سلم الترتيب، ما يعني أن عالم اليوم لم يعد يُفرِّق بين عرب وعجم.. يكفي أن تغفل قليلاً لتقترب من حافة الانهيار.

ليس العرب وحدهم الغافلين.. لِنُشجِّع أنفسنا بعض الشيء، لعلنا نتذكَّر قيمة الاتحاد وحلم الوحدة الذي غاب.