الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

عيدكم مبارك مقدماً

بعد ثلاثة أيام على الأغلب نستقبل بمشيئة الله تعالى أول أيام عيد الفطر السعيد، بقلوب مطمئنة، ونفوس راضية، وألسنة شاكرة.. الأعياد لها وظائف مهمة وضرورية، إذ تمثل فرصاً عظيمة لإزالة الهموم، وتوديع الغموم، والترويح عن النفوس المتعبة، وهي مناسبات جليلة تساعد الناس على تقوية صلاتها المادية والمعنوية، وتوطد علاقاتهم الاجتماعية مع بعضهم، وتزيد تقاربهم وتعارفهم.

الأعياد من الفرص الجميلة التي تسهم في إعادة التوازن للنفوس، وتحقيق التماسك والاستقرار، وهي معينة على تزويد الإنسان بالطاقة الإيجابية، وتعد من المظاهر الاجتماعية القديمة؛ قدم الإنسان نفسه، وتمثل مطلباً فطرياً وضرورة اجتماعية، وهو ما ذكره علماء النفس والاجتماع، في أبحاثهم ودراساتهم، إذ أكدوا أن عدم فتح نوافذ الاتصال مع الآخرين يؤدى بالإنسان إلى معاناة قاسية، يفقد معها مناعته النفسية، ويقوده إلى الانهيار التام؛ وعن هذا قال ابن خلدون، عالم الاجتماع المعروف، في كتابه المشهور (المقدمة: 341:2): «إنّك تسمع في كتب الحكماء قولهم: «إنّ الإنسان مدنيّ الطبع»، يذكرونه في إثبات النّبوّات وغيرها، والنسبة فيه إلى المَدِينة، وهي عندهم كناية عن الاجتماع البشريّ، ومعنى هذا القول: «إنه لا تمكن حياة المنفرد من البشر، ولا يتم وجودُه إلّا مع أبناء جنسه، وذلك لما هو عليه من العجز عن استكمال وجوده وحياته».

أختم بأن دين الإسلام حث وشدد على الاحتفاء بالأعياد، وأكد على مشاركة الناس في البهجة والأفراح، وهذا نجده بوضوح في تحريم الشارع الحكيم للصوم يوم العيد، لأنه يوم للتزاور، والإكرام، والإطعام، وإشاعة البهجة، وتقوية الألفة، وتبادل الزيارات، وتقديم الهدايا ـ العيديات ـ وكل ذلك من شأنه أن يسهم في تقوية أواصر المحبة، والترابط بين أفراد المجتمع، وتعويد الأبناء والبنات الصغار على آداب مخالطة الناس، وأصول المجالس، وتزويدهم بالمهارات المعرفية والسلوكية والاجتماعية.


ومن شأنه أيضاً أن يقوي المقتنع بقيمة العيد على التصدي للمنغصات، التي قد تأتي من غير المتفائلين، الذين يرددون صباح مساء بيت (المتنبي) الشهير:


عيد بأية حال عدت يا عيد .. بما مضى أم بأمر فيك تجديد

أسأل الله ـ سبحانه وتعالى ـ أن يتقبل من الجميع الطاعات، وأن يعيد على الكل الأعياد في خير وعوافٍ.