السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

صلة الرحم

الصلة ضد القطع، والمقصود بالرحم كل أقارب الإنسان من ناحية أبيه وأمه وأقارب زوجته أيضاً، واشتقت الرحم من اسم الله الرحمن، وسميت رحم المرأة رحما؛ لأنه يولد منها ما يكون سبباً للتواصل والتواد والتعاطف بين الناس، ومعنى صلة الرحم: الإحسان إلى الأقارب والعطف عليهم بحسب حال الواصل والموصول فقد تكون بالمال وقد تكون بالخدمة وقد تكون بالسؤال وغير ذلك كما قال النووي، وصلة الأرحام واجبة، وقد أعد الله تعالى ورسوله للواصلين رحمهم جوائز عدة منها: أن الله تعالى يصل من وصل رحمه ويقطع من قطعها، ولك أن تختار بين كونك موصولا بالله أومقطوعاً ما بينك وبينه جل وعلا، وكيف تكون حياة المرء لو قطع ما بينه وبين ربه، كذلك فإن الله تعالى أعد للذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل «أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ* جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ»(الرعد)، وبشّر رسولنا الكريم الواصلين رحمهم بالبركة في الرزق والعمر فقال:«مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، أَوْيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ»(البخاري)، ومهما يكن من أمر الأقارب فصلتهم واجبهم حتى بعد وفاة الوالدين أوأحدهما أوالزوج أوالزوجة، فعندما جاء رجل للنبي صلى الله عليه وسلم يسأله هل بقي عليه من بر لأبويه بعد موتهما؟ فأجابه صلى الله عليه وسلم بنعم، وأخذ يعدد له صنوف البر لهما بعد وفاتهما، فقال: «نَعَمْ، الصَّلَاةُ عَلَيْهِمَا وَالِاسْتِغْفَارُ لَهُمَا، وَإِيفَاءٌ بِعُهُودِهِمَا مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِمَا، وَإِكْرَامُ صَدِيقِهِمَا، وَصِلَةُ الرَّحِمِ الَّتِي لَا تُوصَلُ إِلَّا بِهِمَا»(ابن ماجه)، وبعضنا قد لا يصل أقاربه، لإساءتهم له، وقد أوصانا النبي الكريم بصلتهم مع إساءتهم لنا احتساباً لله عندما جاءه رجل وقال له يا رسول الله: «إِنَّ لِي قَرَابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونِي، وَأُحْسِنُ إِلَيْهِمْ وَيُسِيئُونَ إِلَيَّ، وَأَحْلُمُ عَنْهُمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ، فَقَالَ: (لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ، فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمُ الْمَلَّ وَلَا يَزَالُ مَعَكَ مِنَ اللهِ ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ)»(رواه مسلم)، والمل(الرماد الحار)، والواصل في الإسلام ليس من يعامل الناس مثل معاملتهم له، فيصل من يصلونه ويقطع من يقطعونه، بل الواصل الحقيقي كما قال رسولنا صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ الوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ، وَلَكِن الوَاصِل الَّذِي إِذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا»(البخاري)، جعلنا الله تعالى من الواصلين له ولأرحامنا وتقبل صيامنا، عيداً سعيداً.