الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

لا بأس من بعض اليأس!!

الرهان على أن شيئاً في الأمة سيتحرك إلى الأمام رهان خاسر.. والمسألة ليست تفاؤلاً ولا تشاؤماً، ولا جلداً للذات كما يحلو للبعض أن يُسمِّيها أحياناً.. ولكنَّها قراءة واقعية رغم أنها حزينة للمشهد العربي.. فلا يمكن أن يترك المفعول به موقعه في الجملة العالمية ليصبح فاعلاً، ولا يمكن لفأر التجارب أن يصبح عالماً يجري تجربة، وليس من المتصور أن يكون هناك جزء حي في جسد ميت بلا روح؛ بمعنى أنك مهما حاولت فلن تصنع إعلاماً حياًّ قوياًّ، وأنت لا تصنع الأحداث ولا تشارك فيها، بل إنك مصنوع ومفعول بك ومستهلك لأحداث يصنعها الآخرون.

لا قيمة للمرآة إلا أنها تعكس صورة من ينظر فيها، ولو صنعت مرآة من ذهب فإنها تبقى بلا قيمة إذا لم ينظر فيها أحد، وهكذا هو الإعلام والثقافة والفن والسياسة وكل مجال في أمة العرب، استهلاك غير رشيد لما ينتجه الآخرون، ومحاكاة ببغائية بلا وعي لما يردده الآخرون.

لا فرق بين ما قبل أي قمة وما بعدها.. وكلمة (لا) العربية غير مؤثرة دولياً وكلمة (نعم) غير مجدية، وقتلى العرب بأيدي العرب أضعاف قتلاهم بأيدي من نسميهم أعداء الأمة.. والعرب يتهمون الجميع بالتآمر عليهم ولكنهم لا يتهمون أنفسهم بالغباء والتسبب في نجاح المؤامرات، والعرب ألد أعداء أنفسهم وليس لهم عدو من خارج أنفسهم، والعرب هم الذين تسببوا في تسمين أعدائهم.. فقد صار أعداء العرب الأقزام عماليق بفضل تشرذم وتشظي وغفلة الأمة.


ومصائب العرب عند بعض العرب فوائد، فكل كوارث الأمة تأتي دوماً في مصلحة المحللين السياسيين والخبراء الاستراتيجيين والمفكرين.. وحتى الآن لا أفهم معنى المفكر والمفكر الكبير، وهل هو وحده الذي يفكر ولا أحد غيره يفكر؟


لقد خرجت الأمة تماماً من الجملة العالمية عندما صار رأيها عند سفهائها وعلمها عند جهلائها ومالها عند بخلائها، وقادة الرأي فينا «أراذلنا بادي الرأي، الذين هم في كل وادٍ يهيمون»، وعلي كل مائدة يأكلون.. فكل محللي ومفكري وخبراء الأمة نائحات بأجر لا نائحات ثكالى.. وفي النهاية لا بأس من بعض اليأس الذي قد يحيي الأمل!!