الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

رسائل مكة الحاسمة

أوصلت قمم مكة الثلاث رسائلها الحاسمة والحازمة إلى إيران وأذرعها العسكرية، وأكدت البيانات الصادرة عن تلك القمم على نمط جديد من التعاطي السياسي مع الإرهاب بجميع أشكاله وصنوفه، بما في ذلك إرهاب الدولة الذي ترعاه طهران.

عمقت القمم الثلاث في المجمل عزلة إيران الإقليمية والدولية، وسلطت الضوء على تاريخ طهران الأسود الممتد لأربعة عقود، باعتبارها كياناً منتجاً ومصدراً للفوضى في المنطقة ومصدر خطر عالمي، بعد أن امتدت أذرعها الطائشة إلى مصالح العالم الاقتصادية وأمنه النفطي وطرق ملاحته.

اكتفى نظام طهران الذي خسر تعاطف العالم بإطلاق العنان لتصريحات تنم عن عجزه، وتكشف حقيقة الورطة التي أوقع نفسه فيها، ليوعز لأبواقه العربية لتتاجر - كما هي عادتها - بقضية فلسطين، في الوقت الذي يحشد «جيش القدس» الإيراني المزعوم أدواته التخريبية على تخوم صنعاء وبغداد ودمشق وبيروت، وليس تل أبيب وحيفا.


وإلى جانب رسائلها السياسية البليغة والواضحة، كشفت قمم مكة الثلاث عن حالة ارتهان من نوع خاص ما زالت تسيطر على القرار السياسي المرتبك للنظام القطري، الذي لجأ لحركته المعهودة في ملء خوائه السياسي والدبلوماسي من خلال انسحاب استعراضي في الوقت الضائع، تسعى من خلاله الدوحة للفت الأنظار، وتؤكد على أن قرارها لم يعد بيدها، بل في دهاليز التنظيم الدولي لجماعة الإخوان وسراديب قاسم سليماني في طهران وأروقة «الباب العالي» في إسطنبول.


لقد نقلت قمم مكة المسار السياسي العربي والإسلامي إلى مرحلة أخرى، وأكدت البيانات الصادرة عن تلك القمم على تبلور رؤية سياسية وإسلامية موحدة لمحاصرة الإرهاب، وتجفيف مصادره المالية والأيديولوجية والإعلامية، كما أكدت مواقف وخطابات قادة وزعماء 56 دولة عربية وإسلامية على أسبقية السعودية والإمارات في فضل مكافحة ومنافحة الإرهاب بشكله الجديد، المتمثل في إرهاب الدول التي تصدّر التطرف والعنف وتؤسس الميليشيات كما هي حال إيران والدول التي تحولت إلى حاضنات سياسية ومالية وإعلامية لجماعات العنف والإرهاب من كل شكل ولون، كما يفعل نظام الدوحة اليوم.

وليس من المبالغة في شيء القول: إن قمم مكة التاريخية أسست لحقبة سياسية جديدة في تاريخ الشرق الأوسط والخليج العربي، ستكون لها تداعياتها الوخيمة على تلك الأنظمة التي ارتدت مسوح الدول بينما سخّرت كل إمكاناتها المادية وعلاقاتها السياسية لدعم جماعات إرهابية مسلحة عاثت في بعض دول المنطقة فساداً وتقتيلاً، وقوَّضت أمن وسلام دول أخرى كاليمن والعراق وسوريا وغيرها من الدول التي اكتوت بنيران الإرهاب، القادم من طهران مروراً بالدوحة وإسطنبول!