الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

الإبداع قرار شخصي

بما أننا نتفق جميعاً على ذكاء الإنسان وتمتعه بالتفكير، وأن ذلك وظيفة مشاعة ومتواجدة لدى كل إنسان، فما الذي يجعل البعض يتفوق ويتميز عن الآخرين؟ لا يمكن أن نقول إن درجة الذكاء سبب جوهري ورئيس ونحن نعلم تماماً من خلال الواقع الذي نعيشه أن هناك منجزات تحققت على أيدي أناس مستوى ذكائهم عام أو لم يعرف عنهم العبقرية أو الذكاء المرتفع.

هناك جانب آخر مختلف تماماً عن الذكاء وبعيد عن قوة تفكير العقل، وهو المسؤول عن تميز بعض الناس وتفاضل بعضهم عن بعض. فما هو؟ أعتقد أنه يكمن في القدرة على الإبداع، القدرة على توجيه العقل نحو التفكير بطريقة مبتكرة متجددة، هو القدرة على التحكم بالكيفية التي تسمح للعقول بالتوسع والخروج عن الأطر أو كما يقال بالخروج «عن الصندوق».

والصندوق هنا مجاز عن الواقع المحيط بنا، بمعنى أن الصندوق هو الممارسات التي تعودنا عليها والأفعال التي نكررها ونتوقع أن ننجح بسببها،وهو إعادة الحلول نفسها بوتيرة منتظمة.. وننتظر أن تكون النتائج كما نحب، وننسى التطور والتقدم، وننسى أن المشاكل متنوعة ومتعددة.


لذا فإن الذي نحتاجه هو الإبداع والابتكار بتجديد التفكير، أن نبدع في كل ما نواجهه بالتمعن والتأمل.. أما الركون للحلول المعتادة أو الطرق التقليدية، فلن يكون مجدياً على المدى البعيد، وسنجد أنفسنا لا نقدم حلاً بل نزيد المشكلة. ما نجح في الماضي فليس بالضرورة أن يتناسب مع الحاضر، فكيف سيكون الحال في المستقبل.. ولعل ما قاله العالم الشهير ألبرت أينشتاين ينطبق على مثل هذه الحالة «الغباء هو فعل الشيء نفسه مرتين بالأسلوب نفسه والخطوات نفسها وانتظار نتائج مختلفة». نحتاج لتنويع الأساليب وذلك من خلال ابتكار طرق ومهارات جديدة، نحتاج للنظر إلى المهام نظرة مغايرة لما سبق وتم ولما سبق وعملنا به. لا يحتاج الابتكار أن تكون عبقرياً، وليس من شروطه أن تكون ذا درجة عالية من الذكاء، هو إلمام بما تريد وفهم تام لمختلف الجوانب. ببساطة هو دراسة وتمعن وجلسات عصف ذهني، وقرار على أرض الواقع بأن تبتكر وأن تبدع. أرى أن الابتكار والإبداع قرار شخصي يمكن لنا جميعاً أن نتخذه، ولكن لنجاح هذا القرار متطلبات وشروط من أهمها المعرفة، المعرفة التامة بما تريد أن تبدع فيه، بما تريد أن تقدمه ويكون مختلفاً وفعلاً يحتوي على ابتكار وتميز.