الخميس - 18 أبريل 2024
الخميس - 18 أبريل 2024

التّفاؤل عماد الحياة

التّفاؤل عماد الحياة
يعتقد كثير من الناس أنّ النّصر في الحياة يأتي مع الاستعداد والقوّة والظّروف المؤاتية فقط، وهذا صحيح إلى حدّ كبير، بشرط أن يكون هناك أمل مخلص عميق يحرّك هذه المعطيات؛ فلولا الأمل المخلص بالنّصر والنّجاة والفوز والإنصاف ما انتصر منتصر، ولا تحرّك قلب خائف، ولا نال مستعبد حرّيته، ولا طلعت شمس جديدة على روح كابية مظلمة تنتظر الموت في الصّباح.

كلّ الذين انتصروا في الحياة، وانتصروا عليها، وانتصروا بها للمستضعفين والمظلومين والمسحوقين كانوا يحملون أملاً لا يموت، وهو أمل وصل إلى حدّ الإيمان بأنّ القادم هو الأجمل، وبأنّ الله ينتصر لعباده، وأنّ الفئة المظلومة المستضعفة التي تتداعى عليها القوى الظالمة لا بدّ من أن ينصرها الله، ولو بعد حين؛ فلا ظلم يدوم، ولا ضعف يستمرّ، ولا خيانة تتغلّب على الحقّ.

فالأمل جزء أصيل من الإيمان باللّه؛ فالمؤمن الحقيقيّ لا يفقد الثّقة بأنّ الله معه، أمّا المؤمن الضّعيف، فهو من يفقد ثقته في خالقه، ويسمح لعدوّه اليأس أن يخدعه، ويوهمه بأنّه الأضعف المهزوم، وأنّ ربّه قد تخلّى عنه، وأنّه لن يعينه، أو حتى أنّه لا يستطيع مساعدته، وهذا الكفر بعينه.


ولذلك فالمؤمن الحقيقيّ هو دائماً من يحارب اليأس بالأمل؛ فالأمل هو من روح الله ﴿يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ﴾ [ يوسف:87] وعندما انطلق سيدنا محمد عليه الصّلاة والسّلام يحمل رسالته للعالم لم يكن في حالة قوّة أو سلطة أو غنى، بل كان ضعيفاً وحيداً، لا يملك من الدّنيا إلا إيمانه العميق بأنّ الله معه، وأنّه لن يخذله، أو يسلمه للشّيطان؛ ولذلك سعى في الأرض ينشر الإسلام، ولا يبالي بمن رضي عنه أو غضب منه، سائراً إلى النّور والهداية بجماعة مستضعفة لا تملك إلا إيمانها العميق بربّها، فانتصروا جميعاً بإيمانهم وأملهم على العالم، وأناروا الدّرب للبشريّة.


والأمل الحقيقيّ هو الذي يحرّك الإنسان للعمل والإيجابيّة والإصرار والبحث عن بصيص نور في أيّ ظلام دامس؛ ولذلك فالمؤمن صاحب أمل عريض، لا ينظر خلفه أو تحت قدميه، بل يستشرف المستقبل، ويعمل، ويجتهد، ويخلص، ويعدّ نفسه علميّاً وعمليّاً لأجل أن يكون على قدر النّصر والنّجاح والتّميّز، ويعمل حتى يحقّق ذلك بعون الله.